Logo

حرب الهند وباكستان تصب النار على أزمات الاقتصاد العالمي

 صبت الحرب الهندية الباكستانية الزيت على نيران الاقتصاد العالمي المشتعلة أصلاً، وزادت فتنة الأزمات الحالية إثارة وتوهجاً، وباتت خريطة الاقتصاد العالمي بالغة التعقيد أكثر من أي وقت مضي، وإذا كان مجرد وقوع أزمة عسكرية أو سياسية أو حتى قلاقل اجتماعية ومخاطر صحية في سنوات مضت كفيلاً بإحداث ربكة لهذا الاقتصاد، وفزع لدى صناع السياسات وأصحاب القرار. 

وما جائحة كورونا وحرب أوكرانيا عنا بعيدتين، حيث لخبطت كل الحسابات الاقتصادية وعقدت التجارة وسلاسل الإمدادات، فما بالنا والاقتصاد العالمي يواجه حالياً عشرات الأزمات التي لا تنتهي؟ 

بل تتسع رقعتها يوماً بعد يوم بشكل يصعب على دولة واحدة لملمتها حتى لو كانت الولايات المتحدة، صاحبة أضخم اقتصاد في العالم، أو الاتحاد الأوروبي والصين.

أحدث تلك الأزمات التي تهدد الاقتصاد العالمي تصاعد التوتر العسكري بين الهند وباكستان، والذي يمكن أن يتحول إلى حرب شاملة وواسعة النطاق ومواجهة مباشرة في أي لحظة. 

هذا التوتر من المتوقع أن تكون له ارتدادات ليس فقط على اقتصاد الدولتين النوويتين، ولكن على الدول المجاورة، بل وعلى اقتصاد آسيا برمته، وربما تمتد التأثيرات لاقتصادات مناطق أخرى، خاصة إذا ما اتسعت رقعة ونطاق الحرب وتحولت إلى حرب بالوكالة لصالح أطراف خارجية، منها الصين التي تدعم إسلام أباد والولايات المتحدة التي تدعم نيودلهي، كما دخلت إسرائيل على خط المواجهة حينما أعلنت تأييدها للهند في الصراع الحالي.

تواكب الأزمة الهندية الباكستانية أزمات ومخاطر جيوسياسية أخرى في مقدمتها، التوتر في البحر الأحمر وباب المندب، المواجهة بين الولايات المتحدة وإسرائيل من جهة وجماعة الحوثي اليمنية من جهة أخرى، احتمالية تسخين الجبهتين الإيرانية - الأميركية والإيرانية - الإسرائيلية وربما الخليجية الإيرانية مرة أخرى في حال عدم إحراز تقدم سواء في المفاوضات الجارية في العاصمة مسقط بين واشنطن وطهران، أو في ملف حرب غزة.
 
ومن التهديدات، الحرب التجارية الشرسة التي يشنها دونالد ترامب على كل دول العالم، والتي عقدت بشدة المشهد الاقتصادي حول العالم مع تصاعد حرب الرسوم الجمركية وربما حرب العملات لاحقاً، وتبني ترامب السياسة الحمائية التي تخالف قواعد التجارة الدولية، وهناك حرب أوكرانيا التي لا تزال مستعرة رغم الحديث الأميركي عن وضع حد لها.

هناك أيضاً مخاطر لا تزال تهدد الاقتصاد العالمي منها، احتمال دخول الاقتصاد الأميركي حالة الركود، والتي ستكون لها ارتدادات خطيرة على اقتصادات العالم، 

وهناك صدمة التضخم المتوقعة في الولايات المتحدة في حال إصرار ترامب على خفض سعر الفائدة، وهنا يتكرر سيناريو العام 2021 حيث اندلعت موجة تضخم في العالم بسبب الجائحة، امتدت للاقتصادات الكبرى ومنها الأميركي والأوروبي وتفاقمت بشدة عقب اندلاع حرب أوكرانيا، وكان لها آثار اقتصادية وسياسية قوية وخطيرة في العام 2023، 

حيث أشعلت موجة غلاء وضغوط مالية وغذت السخط المجتمعي وحالة عدم الاستقرار السياسي خاصة في أوروبا، وكانت المحرك الأساسي للركود العالمي، وزيادة الضغوط المالية.

وهناك الأزمة الاقتصادية والمالية التي تواجه دول الاتحاد الأوروبي، وتصاعد التيارات الشعبوية في دول العالم ومنها أوروبا والولايات المتحدة. 

أيضاً هناك مخاطر جيوسياسية متنامية حول العالم منها، احتمالية تهديد روسيا أوروبا والولايات المتحدة وتحول موسكو إلى لاعب دولي قوي يمثل خطراً أمنياً، خاصة إذا ما خرج من حرب أوكرانيا منتصراً.

أيضاً يجب عدم تجاهل مخاطر اندلاع حروب المياه والإجهاد المائي وندرته الشديدة سواء في منطقة الشرق الأوسط أو على مستوى العالم، 

واحتمالية تحول مناطق إلى بؤر ملتهبة لهذا الصراع المتوقع اتساع رقعته مع ندرة المياه وتوسع دول المنبع في إقامة سدود كما حدث من قبل إثيوبيا وتركيا والهند والصين والمكسيك وكندا وغيرها من دول العالم التي تحجز أجزاء من المياه، 

أو تبني السدود بشكل أثر سلباً على دول المصب.
 
لا نتجاهل أيضاً حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وهجماتها المستمرة على لبنان وسورية واليمن وتهديداتها المستمرة بالحرب على إيران المنتج الرئيسي للنفط،

 وكذا التغيرات المناخية التي ضربت أجزاء واسعة من العالم، وأزمة تايوان التي تعيش تحت تهديد الصين، حيث تؤكد بكين من وقت لآخر أن استقلال الجزيرة يعني حرباً مدمرة، بل وحركت أسلحتها الفتاكة قرب تايوان أكثر من مرة.

مصطفى عبد السلام
صحافي مصري