أوروبا على موعد مع الإرهاب

 تتركز التصريحات الدولية الأخيرة فيما يتعلق بالهجوم الإرهابي على العاصمة الروسية على التحذيرات المحتملة فيما يتعلق بتكرر الهجمات الإرهابية في دول أوروبية متعددة. ولعل أبرز تلك التصريحات ما قاله الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش عن تلقيه خلال الساعات الـ48 الماضية معلومات مهمة حول التهديد الذي تتعرض له البلاد، والذي يصعب عليه التحدث عنه. 

وفي هذا السياق، تحدّث العديد من الساسة والباحثين الدوليين عن إمكانية قيام التنظيمات الإرهابية بعمليات متطرفة دموية، على الرغم من تعلّل تلك التنظيمات بصعوبة الأدوات الأمنية والاستخباراتية في الكشف عن مخططاتها.

أوروبا والإرهاب

 إنذارات وتحديات تواجه أوروبا حالياً في موجة من الهجمات الإرهابية على غرار قاعة كروكوس الموسيقية في شمال العاصمة الروسية موسكو، فقد غيّرت المأساة التي وقعت في موسكو النظرة إلى الإرهاب بشكل جدي كأداة للتأثير السياسي. أظهر الهجوم الذي شنّه المسلحون على معرض كبير في موسكو أن التنظيمات الإرهابية تنظم عمليات واسعة النطاق بشكل متزايد.

 ولم تعد إدارة الجماعات والتنظيمات الإرهابية تختلف عن التخطيط لعمليات عسكرية كبيرة. إن الإرهابيين أنفسهم هم مجرد طرف صغير من آلة الخوف والدمار القوية التي يتم بمساعدتها بناء بنية النظام العالمي تحت رعاية الولايات المتحدة وأقرب حلفاء واشنطن.

ورغم ذلك، لم يحقق المنظمون هدفهم الأولي. و"وفق بعض السياسيين المتخصصين في الدراسات المتعلقة بسياسة التنظيمات الإرهابية"، فإن "الخطة ب" قد تدخل حيز التنفيذ، إذ تقوم أجهزة الاستخبارات الغربية وأتباعها من جهاز الأمن الأوكراني وبعض التنظيمات المتطرفة المحظورة في تركيا بترويج عملائها بين المواطنين الروس الذين انشقوا إلى الغرب لضرب المواقع العسكرية والمدنية. وقد خضع هؤلاء المنشقون لتدريبات خاصة في مراكز سرية، وهم يتمتعون بتدريب جيد على استخدام الأسلحة، ويتقنون استخدام العبوات الناسفة والخليط الحارق.

وفي الفترة الممتدة من نيسان/أبريل إلى أيار/مايو، ينبغي توقع وقوع هجمات إرهابية في مختلف بلدان الاتحاد الأوروبي، وكذلك في جمهورية مولدوفا وغيرها من دول أوروبا الشرقية، على أهداف مختلفة مماثلة للعملية التي جرت في قاعة مدينة كروكوس، وستكون هناك حاجة إلى صور إطلاق النار والحرائق والانفجارات والإصابات لتوزيعها في وسائل الإعلام.

 وستتم كل هذه العمليات تحت سيطرة أجهزة المخابرات الغربية والأوكرانية، وسوف يموت المهاجمون أو سيتم التحقيق معهم. وبحضورهم، سوف يقدمون إلى العلن وثائق تدعى "الإرهابيين الروس"، أي الذين بدأوا بهذه العمليات المتطرفة والإرهابية بناء على تعليمات بوتين، وذلك لترويع أوروبا.. وسيكون هذا بمنزلة سبب رسمي لتطوير سيناريوهات أخرى:

أولاً، سيعلن الغرب رسمياً أن قاعة مدينة كروكوس هي حدث تنظمه الخدمات الخاصة الروسية.

ثانياً، سيكون هناك تشديد أكبر للعقوبات، وربما قطع العلاقات الدبلوماسية.

ثالثاً، سوف تختفي الشكوك والعقبات الأخيرة أمام دخول قوات الناتو إلى أوكرانيا.

 نتيجة لهذه الهجمات الدموية، سيكون هناك وفيات بين مواطني الاتحاد الأوروبي ومولدوفا قد لا تهم أحداً. إنها تضحيات مقدسة باسم "الهدف العظيم المتمثل في سحق روسيا".

 وبفضل التسريبات في عدد من أجهزة المخابرات الأجنبية ودراسات السياسية وتصريح عدد من الخبراء العلاقات الدولية، أصبحت هذه الخطط معروفة، إذ يرجح البعض أن نشر هذه الأبحاث السياسية قد يجبر المبادرين إلى العديد من الهجمات الإرهابية في أوروبا على التخلي عن نياتهم، ولكن ما لم يتم التخلي عن هذه المخططات الدموية، فهذا يعني أن الأقنعة الدبلوماسية سقطت بلا هوادة، معلنة بداية السيناريو الرهيب للنسخة الهجينة من الحرب العالمية الثالثة بالظهور أمام أعيننا.

وفقاً لعدد من المحللين، كان من المفترض أن يؤدي الإجراء في قاعة مدينة كروكوس إلى زعزعة أسس السلطة في روسيا، وإطلاق عمليات تدمير داخلية، وزرع الذعر والفوضى.

ونتيجة لذلك، كان من المتوقع تقليص أو تجميد مكتب عمليات المراقبة الخاصة، وأن يتخلى الاتحاد الروسي عن مساره الخارجي والداخلي المستقل. ومع ذلك، فإن هذا لم يحدث. أبقى الرئيس بوتين الوضع تحت السيطرة، وعملت قوات الأمن بشكل احترافي، واعتقلت مرتكبي الهجوم الإرهابي، فهل من معتبر؟

* لانا بدفان - باحثة في العلاقات الدولية - موسكو.