وداعاً تسع سنوات عجاف.. أهلاً بالمجهول

انطوت تسع سنوات عجاف من الحرب والموت في اليمن، وبحثت السعودية عن مخرج لها من المستنقع الذي تمدد منذ السادس والعشرين من مارس 2015، فيما ذهبت مليشيات الحوثي التي استحوذت على السلطة في العام 2014 إلى تقديم كل ما حدث على أنه انتصار لها رغم كل الخسائر التي تكبدها اليمنيون ووطنهم المسروق. 

ما يقوله الشارع اليمني الآن يتمثل في فكرة عامة مفادها: ما النتيجة المرضية التي اغتنمها اليمني حتى الآن من هذه الحرب؟

المليشيا بعيدة عن الشارع وما يعانيه الناس، رغم أنها على علم تماماً بحجم الرفض الشعبي لوجودها.

 بالنسبة للناس تبقى الحرب حرباً في النهاية، أصابت اليمنيين بأفظع الآلام والأوجاع وأفقرتهم وأدخلتهم دوائر مجاعة لا نهاية لها، بينما الحرب بالنسبة للمليشيات مناسبة للصمود وفرصة لمزيد من التقوية وإبراز القوة وتحقيق المكاسب السياسية والمالية وهلم حرباً.

بات معروفاً أن المليشيات تتعيش على الحرب، أي حرب، وتتنفس حرباً وباروداً وموتاً، ولا تقوى على مواجهة الواقع وسداد استحقاقاته فتلجأ إلى إشعال مزيد من الصراعات هنا وهناك. 

أصبح يُنظر إلى البحر الأحمر كمغطس لجأت إليه مليشيات الحوثي هرباً من استحقاقات اليمنيين الذين لم يشهدوا أي تغيير في الواقع بعد التهدئة منذ عامين، فلا الأوضاع المعيشية تحسنت، ولا الرواتب صُرفت، ولا الحكومة تغيرت بعد إقالتها، ولا المليشيات الحوثية احترمت عقول الناس.

إذن عن أي صمود نتحدث؟ هل صمود اليمنيين أم صمود الجماعة؟ لم تُظهر الجماعة يوماً أنها تقاتل وتصارع من أجل اليمنيين، بل من أجل السلطة. 

اليمنيون ليسوا سوى دروع بشرية اتخذتهم حركة الحوثي طوال سنوات حربها، واليمنيون وحدهم المطالبون بالصمود بينما كروش قيادات ومشرفي المليشيات تأخذ في التضخم أكثر وتلطخ "المسيرة القرآنية" بمزيد من الدهون والشحوم!

المليشيا حتى لم تتصالح مع اليمنيين من دهاليز السجون حتى فضاء مواقع التواصل الاجتماعي.

تطاردهم وتتهمهم بالانحلال وبكل التهم الجاهزة في حال التعبير عن رأي مخالف أو المطالبة بالمرتبات، فهل هذا هو الانتصار الذي تقدمه الجماعة؟ 

إذا كان هذا هو الماضي والحاضر الذي نعرفه ونعيشه، فكيف يكون المستقبل؟ ما مصير اليمنيين في القادم المجهول؟

تتهم حركة الحوثي التحالف بخنق اليمنيين اقتصادياً، وتتعامى عن حقيقة أخرى هي استحواذها على خيرات ومقدرات وإيرادات اليمنيين الذين لا يزالون بعيدين عن أي تعويضات ومستحقات.

ثم بعد هذه السنوات الطوال من الاختناق واستعمال اليمنيين كدروع بشرية لتواجد المليشيا كسلطة، يبعث قائد المليشيات بشكره أخيراً، ليس لليمنيين، بل لإيران وحزب الله اللبناني لوقوفهما مع جماعته خلال الحرب.

 نعم، ربما لأن الصديق وقت الضيق، أو لأن الصديق هو أساساً مصدر كل هذا الضيق.

** النقار