Logo

العقول المريضة !!

 العقول المعاقة خلقيًا وذهنيًا يدفعها الغباء إلى العمل بما تهواه نفوسها والطمع في القضايا العامة، لأن هذا النوع من العقول المريضة يصعب عليه أن يدرك ويستوعب أن العمل في القضايا العامة يخضع لمعرفة مستوى الوعي الذي وصل إليه العقل في الزمان وليس المكان. لم يعد للمكان أهمية في هذا الزمن، لأن جميع البشر اليوم يعيشون في قرية واحدة من خلال تطور وسائل التواصل الاجتماعي واستباحة الفضاء المفتوح، وبهذا جميع البشر متساوون على الأقل في معرفة ما يخص المعركة المشتركة التي تناضل البشرية من أجل تحقيق الانتصارات فيها.
نضال مشترك من اليوم الأول لوجود الإنسان على كوكب الأرض في مجالين:
المجال الأول: معركة البشرية مع ظلم الطبيعة وإخضاعها لإرادة الإنسان، الذي صنع الملبس والمروحة والمكيف الحامي البارد للقضاء على ظلم الطبيعة، وتعممت هذه الفائدة على كل البشر. فالذي لم يصنعها دفع ثمنها للإنسان الآخر الذي ابتكرها، ومثل ذلك التغلب على مشقة وظلم الأسفار وتحقيق الانتصارات المتلاحقة، التي جعلت السيارة والطائرة ومحرك السفينة بديلًا لركوب الحمار والجمل، وتعممت هذه الفائدة على جميع البشرية، فالذي لم يصنعها اكتفى بصناعة أخيه الإنسان لها ودفع له ثمنها باعتبارها أساسية للإنسان. ومثل ذلك الطب، والأشعة، والفحوصات، والأدوية، والقضاء على الأمراض، ونقل الإنسان من عمر 30 عامًا إلى 120 عامًا، والمعركة جارية للمزيد من التطوير والتغلب على مصاعب الحياة.
والمعركة البشرية المشتركة الثانية: تحرير الإنسان من ظلم أخيه الإنسان، وتطوير الأسلحة، وتطوير أساليب وطرق الحكم، والتغلب على دكتاتورية الأنظمة البشرية الفاشية والفردية والاستبدادية، وتحقيق الانتصارات عليها من خلال الثورات المتتالية في معركة متواصلة ضد الأنظمة الظالمة، وصولًا إلى نقل الحكم من يد الطغاة إلى يد الشعوب، وتحويل الحاكم إلى خادم عند الشعب، يتفانى في خدمة الشعب بأعلى طاقته تحت رقابة الشعب، المالك الشرعي للحكم، يستدعيه الشعب للمساءلة والمحاسبة والمحاكمة والتغيير في الوقت الذي يريده الشعب من خلال الانتخابات الحرة النزيهة والاقتراع السري، الذي جعل تغيير الحاكم سلميًا وسلسًا بديلًا للانقلابات العسكرية الدامية التي تقتل البشر وتدمر المنجزات الوطنية العامة والخاصة.
هاتان المعركتان هما اللتان حققتا للبشرية التقدم والازدهار والأمن والاستقرار والحقوق الكاملة. كل البشر متحدون فيهما ومدركون لعلومها وحقوقها. لا يمكن لشعب من شعوب العالم اليوم أن يقبل بأقل من تلك الحقوق التي تتمتع بها شعوب الأرض، لأن الجميع ساكنون في قرية واحدة اليوم، بل في عمارة واحدة، وكل مواطن في دولة من دول العالم مطلع على الحقوق التي يتمتع بها غيره من مواطني شعوب الأرض.
لذلك من الصعب على عقول معاقة أن تفهم هذا المتغير المشترك اليوم، بدليل أن عفن تلك العقول المريضة جعلها تقيم نظام حكم كان يعيش قبل 1250 عامًا، ولم تدرك هذه العقول أن إعادة نظام قبل ألف عام كشفت للعقل اليوم حقيقته، وهو أنه كان نظامًا استعماريًا بكل ما تعنيه الكلمة، جعل الحكم والسلطة والثروة لأبناء العرق الدخيل الأجنبي، وقمع وقتل واستعبد السكان الأصليين لليمن، وحرم الشعب من كل الحقوق في وطنهم، ومنع على اليمنيين الشراكة في إدارة بلادهم، بطبيعة هذا النظام التي هي طبيعة الأنظمة الاستعمارية.
وبدون خجل أعادوا العمل به اليوم بنفس المسميات والخرافات.
هذه العقول لا يمكن أن تدرك المتغير العالمي، ولذلك صعب عليها فهم حركة التطور السريع في هذا العصر الحديث.
لذلك لم تستطع عقولهم أن تدرك اليوم أن الدول العصرية الحديثة، التي تصنع التكنولوجيا، تحتكر كل الابتكارات العصرية الحديثة التي تتعلق بالاستراتيجيات الهامة، ولا تنزلها للبيع في الأسواق إلا بعد أن تبتكر ألف ابتكار أكثر تطورًا من تلك الوسائل في نفس المجال، وخاصة ما يتعلق بالجوانب العسكرية والتحكم.
بدليل أن الكمبيوتر كان معهم، يستخدمونه للأغراض العسكرية والاستخباراتية والمعلوماتية في أربعينيات القرن الماضي، وباعوه في الأسواق للعامة بعد 60 عامًا من اختراعه. وهذا مثل ذاك، لا يمكن للدول المتطورة بيع تقنيات حضارية تتعلق بالتحكم والفضاء والتطوير العسكري حتى تصنع آلاف البدائل الأقوى.
وبهذا عجز العقل الاستعماري "المجوهشمي" عن إدراك أن الدول المصنعة للتقنيات لم تبِع نظام الـ GPS، الذي يحدد أي موقع في هذا العالم، إلا بعد أن صنعت له بديلًا بقوة مضاعفة، جعل الدول المصنعة تعرف ما في باطن الأرض لكل الشعوب من مجرد فتح زر البرنامج، إلى درجة معرفة حركة وتنقل أبناء الأرض الذين يُسلط عليهم الضوء، بدرجة نقاء وصفاء للصورة والمشهد، تصل إلى معرفة وجه الشخص الذي يسير في بلاده البعيدة، ليلًا أو نهارًا، بمجرد نقرات زر في برامج الشبكة العنكبوتية. فما بالكم بمن يحفر مخازن للأسلحة أو غيرها وينقل محصوله إليها؟
هذه العقول "المجوهشمية" المريضة، المعاقة، الاستبدادية، هي سبب دمار اليمن حضاريًا، وسياسيًا، واقتصاديًا، وعسكريًا، وسبب قتل أكثر من مئة مليون يمني بيد اليمنيين المغفلين في الجيش والأمن، في كل العصور وعلى مدى ألف عام.
هذه العقول المريضة، الناقمة على اليمن واليمنيين، لم تشبع ولم تقنع من تدمير اليمن وانتهاك كرامة اليمنيين، وها هم اليوم يخدعون ويغدرون بثوار ثورة 21 ويدوسون على جثث الشهداء الأبطال، ويتفاخرون بنظام أجدادهم الاستعماري، لأنه داس على رقاب أجدادنا واستعمرهم، رغم أنهم أجبن وأضعف من جناح بعوضة، وإنما بالمكر والخبث والخديعة وقلة الأصل والشرف، وقلة الدين، لعبوا على عقول الجهلة من أبناء اليمن، وجندوهم في الجيش والأمن، واستخدموهم قوة ضد أبناء جلدتهم اليمنيين، ودفعوهم لقتل إخوانهم في كل العصور وحتى اليوم.
وبرغم هذا الأسلوب الحقير الهابط الوضيع، ما زالوا مصدقين أن أجدادهم كانوا أبطالًا غلبوا اليمنيين، وبهذا الفخر والتفاخر المزيف أعادوا نظام الاستعمار، طالعين في دعس كرامتنا اليوم.
لا حل لليمن ولا عيش هنيئًا، ولا أمن ولا استقرار، بدون إبادة أبناء هذا العرق الخبيث، وتطهير اليمن من وجوده القذر، وتدمير كل ما يتعلق بتراثهم وفكرهم الاستعماري، وخرافة الولاية وكتبها وحروزها وشعوذتها.

* اللواء الشيخ مجاهد حيدر