العرق الوضيع وتوارث الإحساس بالنقص!! ..
انظر إلى ساحل إيران ومضيقها البحري "مضيق هرمز"، الذي يُعد أكثر أهمية من مضيق باب المندب اليمني، حيث تمر عبره أكبر أعداد السفن مقارنةً بما يمر من باب المندب. والمبدأ الذي نعرفه جميعًا، والذي تعرفه البشرية بأسرها، هو أن أصحاب التوجه الواحد يكونون صفًا واحدًا في المواجهة، سواء في الخير أو الشر. حتى السُرّاق، الحرامية، والمجرمون يلتزمون بهذا المبدأ فيما بينهم، محافظين على وحدة الصف في جميع الأحوال.
أما المجوهاشميون الأجانب المستعمرون لليمن، فقد تماهوا مع أصلهم العرقي المجوسي في إيران، لكن هذه العلاقة ليست متوازنة أو متكافئة، بل علاقة مختلّة، أشبه بعلاقة الذيل بالرأس. وكلنا نعرف وظيفة الذيل: خادمٌ يهشّ طوال الوقت، رايحًا جايًا، لا يقرّ له قرار ولا يستقر، مهمته الوحيدة حماية مؤخرة الحمار.
والسؤال هنا: لماذا تتعامل القيادة في إيران مع أبناء جلدتها المجوهاشميين في اليمن كـ"ذيلٍ" لا وظيفة له إلا الدفاع عن مؤخرة الأمة الإيرانية دون كلل أو ملل؟ ولماذا لا تكترث إيران بأسلوب تعاملها الدوني معهم، ولا تشاركهم في الحرب والسلم، رغم أن التوجيهات التي تدفعهم إلى شن الحروب في اليمن صادرة من طهران نفسها؟ المفترض أنهم يكونون في خندق واحد في المواجهة!
الجواب، يا إخوتي، وجدته في البحث التاريخي: المجوهاشميون الذين انطلقوا من إيران والقوقاز باتجاه اليمن، ودخلوا محافظة صعدة عام 284 هـ منتحلين الصفة الهاشمية، كانوا في أصلهم أدنى منزلةً عرقيًا في مجتمعهم القوقازي والإيراني. إنهم من أردأ الأعراق هناك، جنسهم جنس الغجر، أو "ناوار" كما يُعرفون، وهو عرق وضيع لا قيمة له ولا عليه، يعيشون حتى يومنا هذا في إيران عيشة هامشية، خارج كل الحسابات القومية الإيرانية.
إلى يومنا هذا، لم يُرقّهم الإيرانيون إلى مستوى المواطنة، فلا يعتبرونهم مواطنين إيرانيين، ولا تصرف لهم هويات أو بطاقات شخصية أو جوازات سفر. بل يعيشون حياة دونية رخيصة، بلا حقوق، بلا مسؤوليات، بلا أي انتماء حقيقي. أقصى ما تمنحهم السلطات الإيرانية هو ورق عبور متعارف عليه في المنافذ الحدودية، يُتيح لهم التنقل البري إلى دول الجوار، بما في ذلك العراق.
عرقٌ دنيء بطبيعته، لا تترقى نفوسهم إلى شهامة الرجال. تستطيعون بأنفسكم البحث عنهم على الإنترنت بكتابة "غجر إيران"، وستجدون الحقيقة واضحة.
وهذه الحقيقة أثبتتها أخلاقهم الرديئة والوضيعة، التي ظلوا يمارسونها في اليمن طوال ألف عام دون تغيير: المكر، الخداع، الغدر، التآمر، والتفنن في الانقلابات على كل عشرة وعِشْرة وملح، بل حتى على الشراكات التي خُضِّبت بالدماء. لم تتوقف هزالات عرقهم عند هذا الحد، بل بلغت بهم الوقاحة إلى ازدراء واستنقاص أسيادهم اليمانيين الذين أكرموهم، وأحسنوا إليهم، وجعلوا منهم شيئًا بعد أن كانوا لا شيء.
هذه النظرة الإيرانية الدونية للغجر لا تزال قائمة حتى اليوم، ومن هنا نفهم سبب استعلاء إيران على المجوهاشميين في اليمن، وفرضها عليهم الدخول في حروب منفردة خدمةً للمشروع الإيراني الاستعماري، دون أن تكون إيران نفسها شريكة في الدفاع أو الهجوم. كل ذلك مخطط محسوب: فضله عالميًا يُحسب لإيران، وشره يقع على اليمن، تدميرًا لمنجزاته وبُناه التحتية. ميناء الحديدة الاستراتيجي؟ دُمِّر. مطار صنعاء الدولي؟ دُمِّر. الطائرات الحربية اليمنية في مرابضها؟ دُمِّرت. محطات الكهرباء والمولدات في صنعاء والحديدة وغيرها؟ دُمِّرت. وما زال الحبل على الجرار!
وكل عملية عسكرية غربية أو إسرائيلية على اليمن تحصد أرواح اليمنيين، بينما إيران آمنة لا تمسّ، رغم أنها منبع الأوامر. والنتيجة؟ خسارة اليمن لميناء الحديدة التاريخي ومطار صنعاء الدولي، مقابل كسر نافذة في بناية إسرائيلية مدنية في يافا المحتلة!
كل هذه الأثمان الباهظة التي تدفعها اليمن خدمةً لإيران، في ظل عدم مشاركة إيران الفعلية في هذه المواجهات، هي وصمة عار على رجال اليمن، وليس على المستعمر المجوهاشمي الوضيع. فهذا الأخير لم يكن ليتمكّن من جعل اليمن، بعظمتها وتاريخها، مجرد "ذيل" لطهران، لولا أن اليمانيين أنفسهم استكانوا وسلّموا رقابهم وأرضهم وثروتهم لهذا الأجنبي المستعمر، تسليمًا مُهينًا ومُخزيًا.
لقد صار المجوهاشميون الأجانب يملكون اليمن أرضًا وإنسانًا، يتحكمون في الدولة والسلطة والثروة، بينما أُلقي بأبناء اليمن إلى الشوارع، لا قيمة لهم ولا حقوق، بلا شراكة في حكم بلادهم، بلا وظائف، بلا رواتب، بلا أمن، بلا استقرار، بلا عدل، بلا تنمية.
والمأساة الكبرى أن المستعمر الأجنبي المجوهاشمي لم يكن ليتمكّن من فرض كل هذا لولا أنه يعتمد على أبناء اليمن أنفسهم، الذين يتعمد تجهيلهم وإفقارهم وتجنيدهم في الجيش والأمن، ليدفعهم إلى مهاجمة إخوانهم وأبناء جلدتهم، بينما يبقى هو بعيدًا عن ساحة القتال، يحركهم كقطع الشطرنج.
هكذا تفرد المستعمر الأجنبي المجوهاشمي بالسلطة والثروة، وألغى أبناء الشعب اليمني تمامًا من المعادلة، حتى صار القرار السيادي والحروب الداخلية والخارجية تُدار دون الرجوع إلى اليمنيين، الذين يدفعون وحدهم الثمن من دمائهم وبلادهم ومستقبلهم.
لكن الحل، يا رجال اليمن، أقرب وأسهل من تحمّل كل هذا العار والمهانة. الحل يكمن في تحديد العدو بوضوح: إنه العرق الأجنبي المجوهاشمي المستعمر. وما إن نحصر المواجهة في استهداف رؤوسهم وجماجمهم – وهم لا يزيدون عن عشرة آلاف في المحافظات الشمالية الزيدية – حتى تتغيّر المعادلة بالكامل.
يجب على أحرار القبائل والمدن اليمنية أن يتحركوا سرًا لاستهداف هؤلاء المستعمرين الأجانب، دون أن يقعوا في فخ المواجهة العسكرية مع الجنود المغرر بهم من أبناء اليمن، حتى لا نقع في المربع الذي يخدم المستعمر، حيث يقاتل اليمني أخاه اليمني بينما يبقى المستعمر سالمًا.
إن المستعمر الأجنبي، على مرّ التاريخ، لم يعلن هزيمته ويرحل من أي بلد إلا عندما وُجّهت بنادق أبناء الشعب المستعمَر إلى رؤوس أبناء العرق المستعمر نفسه. حينها فقط يشعر المستعمر بالألم والوجع، فيعلن قبوله بالهزيمة، ويرحل.
* اللواء الشيخ مجاهد بن حيدر