Logo

نحن على وشك حرب شاملة!

 ما هي "الحرب الشاملة" التي توشك المنطقة على الانزلاق إليها؟ ما أطرافها، وما هو  شكل الساعة الأخيرة التي تسبقها؟

كل هذا هراء عمودي بلا قيمة. هناك حرب شاملة من طرف واحد: أميركا- إسرائيل. هذه الحرب تهدف إلى "هدم عشرين عاماً من بناء الترسانة" حد تعبير غالانت.

 ليبقى الجيب الاستيطاني آمناً ومستقراً ستكون هناك حرب شاملة كل عشرين عاماً، حتى تعود الأمور إلى نصابها. في أفضل ظروف هذه الحرب قد يتسلل مقاتلون فرادى من دول عربية بعينها إلى لبنان، وفي الحالة العادية لن يحدث شيء من هذا القبيل. أخذت أميركا على عاتقها تصفيح إسرائيل (تحويلها إلى مصفحة)، والأخيرة حصلت على ما يكفي - عسكرياً وسياسياً - لحرق الأرض بمن عليها. ما الذي سيدفع الفاشيين في قيادة إسرائيل إلى البدائل غير العسكرية؟ لديهم أميركا والتوراة من جهة، والتشظي العربي من جهة أخرى. لا يكف رجال الحكومة الإسرائيلية عن اقتباس النصوص التوراتية، ولا الأميركان عن تأكيد استعدادهم لخوض حروب إسرائيل. غير أن هذه الشروط المواتية، على أهميتها، لا تكفي سوى لحرق الأرض. أما الحقائق طويلة المدى فأكثر تعقيداً من أصوات القنابل.  

القادح الأكبر لحالة اللا-استقرار في الشرق الأدنى هو المستوطنة المدرعة المسماة إسرائيل. ما بقيت مرئية وضاجّة فستخلق نقائضها وعدوها على الدوام. ومن وقت لآخر سيتعين عليها خوض الحروب الشاملة لتقويض الترسانة العسكرية المعادية. الدول لا تستقر على هذا النحو، فحتى روما الإمبراطورية أصابها الإعياء في نهاية المطاف فاقتحمتها القبائل المعادية.
 
القنابل قد تغير بعض الحقائق الجغرافية وحتى السياسية، ولكنها لا تغير حقائق التاريخ. 

هناك عبرة من جنوب الجزيرة العربية. فبعد ما يزيد عن ٢٦٠ ألف غارة جوية (على الأقل وفقاً لبيانات صنعاء)، على مدى  ثمان سنوات،  خرج الحوثيون من مخابئهم ليستعرضوا بالمسيرات والصواريخ طويلة المدى، ترسانة لم تكن في حوزتهم حين قرر تحالف دولي واسع إنهاء وجودهم في شمال اليمن. 

لن تحدث حرب شاملة. فقط ستتكاثر المنظومات تحت الدولتية في المنطقة، وستحصن نفسها بالسلاح. سيتراكم منسوب الغضب والقهر والحقد وسيفيض على طريقته. لا أوفر من السلاح ولا أيسر من سبل الحصول عليه. ثم لا أيسر من حشد  وتجنيد الرجال، فما أكثرهم، وما أكثر أسبابهم!  

هذا ليس بالأمر الجيد للاستراتيجية الأميركية في المنطقة، ولا لاستقرار الضبع التوراتي، لا على المدى المتوسط ولا البعيد. فما كان حلا ناجعاً قبل ستين عاماً هو الآن مشكلة وجودية. وأميركا، الأم، لا تدوم إلى الأبد.