الحرية هي وقود التحولات التاريخية

ظهرت العبودية في التاريخ البشري كظاهرة اجتماعية طاغية مستقرة لكسر إرادة الإنسان .. 
ومصادرة حريته حتى قبل بها الأحرار المتملكين والعبيد المستملكين على السواء ..
لكن الإنسان - حقوقياً - ولد بصفتين جوهريتين يشترك بهما مع سائر البشر وهما : الحرية والمساواة ..
تمحورت الصراعات بين البشر على مكامن القوة والتفوق من جهة والقدرة على ممارسة الاستعباد .. وقابلية العبودية والاستسلام من جهة أخرى 
فكان الصراع التاريخي الطويل بين تيار الحرية وتيار الاستعباد على المستوى الفردي (نموذج الشعراء الصعاليك ) والمستوى الاجتماعي ( نموذج الحركات التحررية عبر التاريخ ) ..
في نهاية المطاف منذ منتصف القرن العشري وهو تاريخ قريب تم الإطاحة بالرق والعبودية أرضا ..
وتم تجريمها قانونيا ..
وانتصرت الحريات الفردية وحرية الشعوب بالتحرر من الاستعمار والاستبداد على حد سواء ..
عندما كتب فوكوياما كتابه الشهير نهاية التاريخ ..كان يؤكد على حقيقة وحيدة متمثلة في نهاية تاريخ الاستبداد والاستعباد .. 
وأن الديمقراطية والإرادة العامة حسب تعبير جان جاك روسو هي النظام البديل للعالم المعاصر وفق خلاصة فوكوياما ..
العالم المعاصر يعيش معظمه النظام الديمقراطي .. 
وهناك الديمقراطيات الناشئة .. 
وبقية العالم مثل حالنا يعيش مرحلة الانتقال الضروري إلى الديمقراطية .. وهي مرحلة الصراع الضروس بين الحرية والاستعباد ..
ومن أبرز معالم هذا الانتقال ما يجري اليوم في اليمن والعراق وليبيا وتونس والسودان وبعض دول أفريقيا وأمريكا اللاتينية وبعض دول آسيا .. 
سيتم دفع كلفة التحول والانتقال .. وسيتم الإطاحة أرضا بكل صنوف الاستعباد والاستبداد ..
سيتم الإطاحة بكثير من الثوابت الوهمية .. وبعض المقدسات الإجتماعية والميثولوجيا التاريخية وإعادة البناء وفق منطق العقل والحرية ..
لقد كانت بعض دول أفريقيا منبعا للعبودية والقبلية والبداوة ..وقد قطع بعضها شروط الانتقال الديموقراطي مثل جنوب افريقيا ورواندا وأثيوبيا ومالي والسينغال ودول أخرى أفضل من العرب (قبائل النخاسة) الأشهر في التاريخ القديم والحديث ..
البعض يعتقد أن اليمن استثناء وأن المتوردين امتلكوا رقاب الناس بالقهر والعنف والخوف والتجويع والترويع والشعارات الدينية الكاذبة والقوة العسكرية والارتباط الخارجي .. وأنه لا مكان للحرية في اليمن ..
وهذا وهم الفاجر وعجز واستسلام الضعفاء . 
فقد رسم آباؤنا الأحرار خط الاتجاه لمسار التاريخ نحو الحرية .. وما يجري من صراعات عنيفة ستؤول إلى انتصار الحرية والإطاحة بجماعة الانقلاب والتجبر والاستعباد أرضا ..
نموذج تعز التي دفعت وحدها آلاف الشهداء وعشرات الآلاف من الجرحى فداء للحرية .. حتى لا يأت المتورد من كهوف صعدة ليقول ياصاحب تييعز كما يفعل في مدينة إب 
ومهما كانت النتائج المخيبة للآمال والتضحيات الجسيمة فإن مسار التاريخ متجه إجبارا نحو الحرية ولا خيار غيره  ..
والله وتالله وبالله لو يمتلك الحوثييون طيرا من أبابيل ومن سجيل وينزل يحارب معهم جبريل و الملائكة من السماء ويبعث علي طالب عبده وعياله وعشيرته في تركيع الشعب اليمني ما استطاعوا لذلك سبيلا وما قبلوهم حكاما ولا أسيادا ولن يقبلو بهم مستقبلا كمواطنين  .. 
فثورة السادس والعشرين من سبتمبر ودماء الأحرار  والجمهورية والحرية والمساواة والإرادة العامة هي وقود المعركة وأداة الانتصار ..