اضطرابات حضرموت تهدّد إصلاحات الحكومة اليمنية
الرأي الثالث - متابعات
تتصاعد وتيرة الاضطرابات الأمنية في محافظة حضرموت والمناطق اليمنية الشرقية ملقيةً بتبعات جسيمة على مختلف الأصعدة، ومهددةً بنسف الإصلاحات الاقتصادية والمالية والنقدية التي كانت تمضي الحكومة والبنك المركزي اليمني بتنفيذها منذ نحو أربعة أشهر،
إضافة إلى التهديدات التي تطاول موارد النفط والمنافذ البرية الشرقية في المهرة وحضرموت التي سيطرت عليها التشكيلات العسكرية التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي.
وأصابت هذه الأحداث المتفجرة العمل الحكومي وأداء مؤسسات بالدولة بالشلل التام. وكان رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي قد أكد عند وصوله مع وفد رسمي إلى الرياض، أن الشراكة مع المجتمع الدولي "ليست شراكة مساعدات فقط"، بل مسؤولية مشتركة في حماية فكرة الدولة ودعم مؤسساتها الشرعية ومنع تكريس "منطق السلطات الموازية".
وقال إن التطورات في حضرموت والمهرة تعرض جهود التهدئة التي رعتها السعودية وأفضت إلى تفاهمات لضمان استمرار عمل المنشآت النفطية، لخطر متزايد بسبب ما وصفه بتحركات عسكرية أحادية أبقت حالة التوتر وعدم الثقة قائمة.
وحذر العليمي من تداعيات اقتصادية ومعيشية خطيرة لأي اضطراب في المحافظتين، مشيراً إلى أن ذلك قد يؤدي إلى تعثر دفع رواتب الموظفين ونقص الوقود لمحطات الكهرباء وتفاقم الأزمة الإنسانية، فضلاً عن إضعاف ثقة المانحين بالإصلاحات الحكومية.
في السياق، يقول المحلل الاقتصادي وفيق صالح، إن استمرار تصاعد التوترات في حضرموت وغياب الاستقرار يهدد بنسف خطة الإصلاحات الاقتصادية للحكومة اليمنية، ويبدد المكاسب التي تحققت في هذا السياق خلال الشهور الماضية.
ويشرح صالح أن "حضرموت تمثل أهمية كبيرة بالنسبة للاقتصاد اليمني، وفيها قطاع المسيلة الذي يمثل 39% من إجمالي الإنتاج النفطي في اليمن قبل فترة التوقف،
إذ إن دخولها حلبة الصراع خلال الوقت الراهن يضع تحديات صعوبات إضافية أمام مصفوفة الإصلاحات الاقتصادية للحكومة،
فهذه الصعوبات لا تقتصر على الجانب الإيرادي فقط، بل تشمل جوانب أخرى سياسة وأمنية، إذ من شأن ذلك أن يؤدي إلى زعزعة وحدة القرار السياسي وانعكاس ذلك على تنفيذ خطة الإصلاحات الحكومية.
بدوره، يؤكد الخبير الاقتصادي رشيد الحداد، أن ما يحدث في محافظتي حضرموت والمهرة يأتي في إطار صراع سعودي ــ إماراتي واسع،
مشيرا إلى أن ما يحصل كذلك عبارة عن معركة نفوذ، إذ تمكن المجلس الانتقالي الجنوبي ولأول مرة من السيطرة على كافة حقول النفط في شبوة وحضرموت، وصولاً إلى المنافذ البرية في المهرة وكذا في حضرموت.
وأضاف: لذا يمكن الاعتبار أن كل الإيرادات في المحافظات الجنوبية والشرقية اليمنية صارت تحت سيطرة الانتقالي الجنوبي، وبالتالي فإن هذه العوامل تدفع الانتقالي نحو الانفصال الذي صار على الأرض واقعاً على المستويين العسكري والأمني.
وسارع رئيس مجلس الانتقالي الجنوبي، نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني عيدروس الزبيدي إلى عقد اجتماع طارئ مع محافظ البنك المركزي اليمني في عدن أحمد غالب المعبقي، لدعم جهود البنك في المحافظة على الاستقرار النقدي وسعر صرف العملة المحلية.
وفي ظل عدم وضوح المشهد في حضرموت واستمرار التوترات فإنه من المرجح، حسب الاقتصادي اليمني وفيق صالح، أن "نشهد تعثراً كبيراً في عملية تنفيذ البرنامج الاقتصادي، لأن الشق الأساسي منه هو الإيرادات مع وجود توافق سياسي، وبدون توحد الجهود والأهداف لا يمكن تطبيق إصلاحات في الرواتب، أو الكهرباء، أو الخدمات".
ويرى صالح أن أحداث حضرموت تعتبر اختباراً حقيقياً لتماسك مجلس القيادة الرئاسي والحكومة، كون تصاعد حدة الصراع يهدّد بتفكك الحكومة أو شللها، ويصرف جهودها عن التنمية والإصلاح ليركز على الصراع على البقاء والسيطرة على المناطق الحيوية في البلاد.
في المقابل، يشير الحداد إلى أن الحكومة لم تكن سوى وسيلة لتنفيذ أجندات خارجية، وتقديم غطاء أمام الشعب اليمني وأمام المجتمع الدولي لتنفيذ مشاريع لا تحقق الأهداف الوطنية.
يذكر أن اللجنة الوطنية لتنظيم وتمويل الواردات في الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً أعلنت، أول من أمس، في أول اجتماع لها بعد أحداث حضرموت، عن وصول إجمالي التمويلات الخاصة بطلبات الواردات التي اعتمدتها إلى ملياري دولار.
جاء ذلك إثر استعراضها سير أعمال اللجان الفنية والتنفيذية التابعة لها، إلى جانب مستوى إنجاز طلبات تمويل الاستيراد المقدمة من البنوك وشركات الصرافة لمختلف السلع والخدمات، والتي وصلت لمستوى قياسي في ظل أزمة مالية وأحداث سياسية وعسكرية تعصف بالبلاد بعد سيطرة التشكيلات العسكرية التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي على محافظة حضرموت والمهرة.