Logo

ما تبعات تمديد العقوبات على جماعة الحوثي في اليمن؟

جدد مجلس الأمن الدولي (14 نوفمبر) العقوبات المفروضة على جماعة الحوثي ليعيد تسليط الأضواء على الملف اليمني، الذي توارى كثيراً خلف أزمات أكثر حدّة.

القرار الصادر تحت الفصل السابع  يمدد العقوبات على الحوثيين لعام آخر، ويدين بشدة الهجمات العابرة للحدود التي تهدد الملاحة الدولية والاستقرار الإقليمي وضرب السفن التجارية في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن، ويطالب بوقفها فوراً.

يأتي هذا التطور في لحظة حساسة يشهد فيها اليمن واحدة من أعقد مراحل النزاع منذ اندلاعه قبل أكثر من عقد، بينما تحاول الأمم المتحدة إعادة دفع العملية السياسية وسط تعقيدات ميدانية وإنسانية متفاقمة، فهل يدفع القرار نحو التسوية، أم يعمّق الأزمة أكثر؟

مضامين القرار

ورغم أن 13 دولة صوتت لصالح القرار فإن روسيا والصين امتنعتا عن التصويت، مبديةً تحفظات على تشديد التدابير، وهو ما أثار استياء دول غربية رأت أن الوضع يتطلب إجراءات أكثر طموحاً لمواجهة ما وصفته بـ"التصعيد الحوثي الخطير".

وشمل القرار الذي صدر برقم 2801 ما يلي:

- تثبيت الإطار الدولي للعقوبات على قيادات الحوثيين، بما يشمل تجميد الأصول ومنع السفر.
- تمديد عمل فريق الخبراء المعني بالعقوبات حتى نهاية 2026.
- إشارة إلى إمكانية توسيع العقوبات لتشمل أي جهة تشارك في إطلاق الصواريخ العابرة للحدود.
- يشمل التوسيع المحتمل للعقوبات أيضاً كل من يهاجم السفن في البحر.
- مدّد المجلس ولاية فريق الخبراء حتى 15 ديسمبر 2026.
- كلّف المجلس فريق الخبراء بتقديم تقرير حول المواد مزدوجة الاستخدام وطرق تهريب السلاح بحلول أبريل 2026.
- دعا إلى تعزيز جهود مكافحة تهريب الأسلحة والمكوّنات عبر البر والبحر.
- طلب من فريق الخبراء تقديم توصيات خاصة بشأن المواد ذات الاستخدام المزدوج، بما يعكس تركيزاً دولياً أكبر على خطوط الإمداد العسكرية للجماعة.
- أكد أنه لا حل عسكري للصراع في اليمن ودعا لاستكمال الانتقال السياسي وفق المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني، ما يعني عدم شرعية أي مؤسسات أو إجراءات حوثية جرت خلال العقد الماضي.
- وسع نطاق أحكام القرار 2216، ليشمل عمليات تفتيش الشحنات التي تجري في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها، وفي أعالي البحار أيضاً، وليس فقط قبالة الموانئ الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي.
 
وعقب اعتماده وصف القائم بأعمال المندوب البريطاني، جيمس كاريوكي، القرار بأنه "يؤكد التزام مجلس الأمن بالسلام والاستقرار في اليمن"، لافتاً إلى أنه "سيزيد من قدرته على الرصد، وبالتالي ردع انتهاكات حظر توريد الأسلحة إلى الحوثيين".
 
خنق الحوثيين

ومنذ أواخر 2023، نفذ الحوثيون مئات الهجمات على "إسرائيل" وأيضاً على الناقلات والسفن التجارية والحربية في البحر الأحمر وخليج عدن وباب المندب، تحت لافتة "نصرة المقاومة في قطاع غزة".

إثر ذلك تعرض اليمن لضربات أمريكية وغربية وإسرائيلية، كما أعيد إدراج الجماعة في قوائم الإرهاب لدى الولايات المتحدة وعدد من الدول الغربية مطلع العام الجاري، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على ملف الأزمة اليمنية.

وقبل هذا التاريخ، كانت جماعة الحوثي تطلق صواريخ ومسيرات باتجاه الأراضي السعودية والإماراتية، وهو ما شكّل تهديداً لدول الجوار، وأضاف أعباء كبيرة على كاهل اليمنيين.

ومن شأن القرار 2801 أن يضاعف من إجراءات حظر التسليح المفروضة على الجماعة اليمنية، خصوصاً بعد الضربات التي تعرضت لها، وأيضاً بعد الضربات التي تعرضت لها إيران و"حزب الله" اللبناني، وهو ما يزيد الخناق على الحوثيين، لا سيما بعد إعادة تصنيفهم "منظمة إرهابية".

ورداً على القرار قال عضو المكتب السياسي للجماعة، محمد الفرح، إنها سترد بالمثل على من يحاول الاعتداء على ما أسماه "مصالح الشعب اليمني".

وأضاف في تصريحات تلفزيونية: "مجلس الأمن يواصل تقديم أسوأ نموذج لازدواجية المعايير، بعد أن أمضى سنوات يغض الطرف عن جرائم الإبادة في غزة"، لافتاً إلى أنه "تحول إلى منصة لتقاسم المصالح الغربية".
 
كما أشار إلى أن "امتناع روسيا والصين عن التصويت على تجديد العقوبات موقف يجسّد صحوة ضمير إنسانية وأخلاقية"، مشيراً إلى أن "الجماعة ستواصل مواقفها المناهضة للهيمنة الأمريكية والغربية في المنطقة".

تبعات القرار

قرار مجلس الأمن سيلقي بظلاله على المشهد في اليمن، حيث يضع الكاتب والمحلل السياسي ، عادل الشجاع ، سيناريوهين لهذا التأثير هما:

- الأول يتعلق بالتسوية السلمية، حيث قد يستخدم أداة ضغط دبلوماسي لكي تجلس الأطراف إلى طاولة الحوار.

- العقوبات تمنح الطرف الدولي وزناً أكبر، وقد تدفع الحوثيين إلى إعادة النظر في بعض تحركاتهم إذا شعروا بأن التكاليف ترتفع.

- تمديد مهمة فريق الخبراء، سيساعد في بناء الثقة من خلال رصد أي خرق للعقوبات، وهذا ربما يدعم التزاماً أكبر من كافة الأطراف بالحفاظ على أمن المناطق الحيوية في المنطقة.

- أما من جهة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، فيمكن أن يكون القرار دلالة على الاهتمام المستمر بعملية السلام في اليمن، كما أكد مجلس الأمن في بياناته دعمه لها.

- السيناريو الثاني، يتمثل في التصعيد أو اندلاع حرب جديدة، ففي حال شعر الحوثيون أن العقوبات لا تكسر توازنهم العسكري فقد يردون بعدوانية، أو يعززون قدراتهم بطرق غير معلنة أو عبر دعم خارجي، خاصة إذا وجدوا طرقاً للتهرب من العقوبات.

- القرار قد يدفع باتجاه استخدام القوة؛ لكونه تحت الفصل السابع، ما يعني تدخلاً خارجياً إذا فشلت العقوبات في تحقيق أهداف الردع، خصوصاً إذا تزايدت الهجمات أو الدعم اللوجستي للحوثيين.

- في الأجل القريب، القرار قد يبدو أكثر وسيلة من مجلس الأمن للضغط وردع الحوثيين.

- لكن القرار ليس ضماناً كاملاً للسلام، فالعقوبات وحدها لا تعالج كل الجذور السياسية للصراع في اليمن (كالهوية، الشرعية، تقسيم النفوذ، السيطرة على الموارد).

- إذا استمر التصعيد من جهة الحوثيين، أو إذا فشلت الأطراف في استغلال الضغط الدولي للدخول في حوار حقيقي، فثمة خطر أن تؤدي العقوبات إلى مزيد من التوتر.

- القرار لا يضيف جديداً من دون الضغط الجدي وتجفيف منابع الاقتصاد لجماعة الحوثي بشكل عام وليس على الأفراد فقط.

- إذا لم تصاحب القرار ضغوط على الأرض فلن يتأثر به الحوثيون، وإنما سيستخدمونه مبرراً لمصادرة المزيد من حقوق اليمنيين في المناطق التي تقع تحت سيطرتهم. 

إبراهيم شاكر 
 الخليج أونلاين