Logo

مشاورات عراقية ما بعد الانتخابات: اتفاقات مبدئية واستثناء السوداني

الرأي الثالث - وكالات

خلال اليومين الماضيين، تناوب قادة الأحزاب الفائزة في الانتخابات التشريعية العراقية التي أجريت الثلاثاء الماضي، الزيارات والتهاني في أولى محطات بدء الحوارات من أجل تشكيل الحكومة الجديدة التي يودون أن تكتمل قبل انقضاء الحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني، في 8 يناير/ كانون الثاني المقبل.

 وجرى تبادل الزيارات في إطار التوصل إلى اتفاقات مبدئية في سبيل تشكيل الكتلة الكبرى التي من المفترض أن تُشكّل الحكومة،

 لكن اللافت أن اللقاءات استثنت الفائز الأول في الانتخابات وهو رئيس الحكومة، في مؤشر اعتبره مراقبون أنه إعلان شبه صريح برفض منح السوداني ولاية ثانية.

وأجريت الانتخابات الثلاثاء الماضي، لاختيار أعضاء البرلمان السادس في العراق. وتصدر ائتلاف "الإعمار والتنمية"، الذي يقوده السوداني في ثماني محافظات هي بغداد، والنجف، والقادسية، وكربلاء، والمثنى، وميسان، وذي قار، وبابل. 

وتوزعت المقاعد الـ329 في البرلمان الجديد وفق النتائج الأولية على النحو الآتي: 47 مقعداً لائتلاف الإعمار والتنمية الذي يتزعمه السوداني، و18 مقعداً لتحالف "العزم" بزعامة مثنى السامرائي، و18 مقعداً لتحالف "قوى الدولة" بزعامة عمار الحكيم.

 كذلك حصل حزب "تقدم" الذي يتزعمه محمد الحلبوسي على 36 مقعداً، و29 مقعداً لائتلاف "دولة القانون" بزعامة نوري المالكي، وتسعة مقاعد لتحالف "الحسم" الذي يتزعمه وزير الدفاع ثابت العباسي. 

وحصل الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني على 27 مقعداً، وحزب "بدر" بقيادة هادي العامري على 21 مقعداً، وتحالف "السيادة" بزعامة خميس الخنجر على 14 مقعداً. 

أما التحالف الوطني الكردستاني بزعامة بافل الطالباني، فقد حصل على 18 مقعداً، فيما حصلت الجبهة التركمانية على 7 مقاعد. 

وهذه النتائج أولية قابلة للتغيير الطفيف. وسرعان ما باركت جميع الأحزاب الانتخابات التي شاركوا فيها، معتبرين إياها الأكثر عدالة والأقل من ناحية التزوير والتلاعب بالأصوات. 

ودفعت الدعوة التي أطلقها رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، بالأحزاب إلى الإسراع بالحوارات لتشكيل الحكومة. 

وجاء في بيان القضاء التشديد على "ضرورة الإسراع بإجراء الحوارات والتفاهمات اللازمة من أجل تشكيل السلطتين التشريعية والتنفيذية، ضمن السقوف الزمنية الدستورية المحددة". 

على إثر ذلك، جرت اجتماعات عدة، من ضمنها لقاءات جمعت رئيس مجلس القضاء القاضي فائق زيدان، برئيس جهاز المخابرات حميد الشطري، وجرى التشديد، وفق بيان رسمي، على "ترسيخ مبدأ سيادة القانون والحفاظ على المنجز الديمقراطي الذي تحقق للعراق في انتخابات مجلس النواب الأخيرة".

 كذلك التقى الأمين العام لمنظمة بدر هادي العامري، مع زعيم حركة "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي، فيما اجتمع أيضاً الخزعلي مع زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، وأكدا ضرورة الإسراع بتشكيل الحكومة المقبلة. 

والتقى الخزعلي زعيم تيار "الحكمة" عمار الحكيم، فيما أجرى زعيم تحالف "الأساس" محسن المندلاوي لقاءً مع نوري المالكي.
 
هذه الاجتماعات، وصفها قيادي في تحالف "الإطار التنسيقي"، بأنها "اللبنة الأساسية لتشكيل الحكومة الجديدة"، معتبراً  أن "القوى السياسية والأحزاب الفائزة بالانتخابات تريد التوصل إلى تفاهمات مبدئية بشأن الاستحقاقات الانتخابية، وهي الفرص في الحصول على المناصب وفق الأوزان البرلمانية". 

وأكمل القيادي، قائلاً إن "الاجتماعات الأخيرة التي ستستمر خلال الفترة المقبلة، اجتماعات "إطارية"، بمعنى أنها ستكون بين أطراف تحالف الإطار التنسيقي فقط، ولا يبدو أن السوداني سيكون على رأس الفريق الذي سيُشكل الحكومة".

 ووفق مصادر سياسية، فإن القناعة في عدم تجديد الثقة لمحمد شياع السوداني لولاية ثانية تسود أطراف التنسيقي.
 
منصب رئاسة البرلمان

أما على صعيد الأحزاب السنية، فإن الخلافات التي تتكرر على منصب رئاسة البرلمان، لا تبدو أنها ستكون سهلة، خصوصاً بين حزب "تقدم"، بزعامة محمد الحلبوسي، وتحالف "عزم"، بزعامة مثنى السامرائي.

 لكن معظم الإشارات تفيد بأن حزب "تقدم" سيحصل على منصب رئيس البرلمان، لكونه الفائز الأول على مستوى القوى السنية،

 لكن طروحات زعيم الحزب محمد الحلبوسي، في أنهم يريدون منصب رئيس الجمهورية الذي من المفترض أن يكون لصالح الأحزاب الكردية، وفق عرف المحاصصة، قد تعقد حسم ملفي رئاسة الجمهورية والبرلمان أيضاً.  

وكان الحلبوسي، قد قال، في مقابلة متلفزة، أجريت قبل إجراء الانتخابات: "لا أحد يختار لنا. نحن من نختار، وإذا رأى المجتمع السني، من خلال ممثليه، أن رئاسة الجمهورية هي استحقاقه وأنها المكان الذي يرغب فيه العرب السنة، فسنذهب باتجاهها.

 أما إذا رأى المكون السني أن رئاسة البرلمان ستكون أكثر إنتاجاً لهم وللبلد من رئاسة الجمهورية، فسنمضي باتجاه رئاسة البرلمان".

 وردَّ زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، وقال إن "المنصب بات استحقاقاً عرفياً للكرد، لما يحمله من رمزية بعد معاناة الإقليم من حملات الأنفال والقصف الكيماوي. 

وهو منصب رمزي وغير تنفيذي إلى حد كبير، وأن رئيس البرلمان يتمتع بصلاحيات أوسع ضمن النظام السياسي القائم". 

وفي ما يتعلق بمنصب رئيس الوزراء العراقي، فقد لفت علي الفريجي، عضو ائتلاف "الأساس"، الذي يتزعمه نائب رئيس البرلمان الحالي محسن المندلاوي، وينضوي ضمن "الإطار التنسيقي"، إلى أن "الأحزاب الشيعية وتحالف الإطار التنسيقي بشكلٍ عام، لن يُجدد الثقة بالولاية الثانية للسوداني،

 وهذا الأمر قد حُسم"، مستكملاً حديثه ، بأن "تحالف الإطار وبقية الأحزاب تفكر باستبدال السوداني، بشخصية أخرى تكون على قدر حل المشكلات والأزمات الاقتصادية، وأن هذا التوجه ناتج من المتغيرات الإقليمية بالإضافة إلى الضغط السياسي".

بدوره، وجد الباحث في الشأن السياسي عبد الله الركابي، أن "العرف العراقي المعمول به بشأن تقاسم المناصب الرئيسية الكبرى (الحكومة، الجمهورية، البرلمان) ليس مقدساً، كذلك أنه ليس دستورياً أو قانونياً، بل خاضع للاتفاقات والتسويات بين الأحزاب،

 بالتالي فإن إمكانية تبادل المناصب أمر وارد"، موضحاً  أن "الكرد لن يتنازلوا عن رئاسة الجمهورية، كما أن الأحزاب السنية عدا محمد الحلبوسي لن يتنازلوا عن رئاسة البرلمان، في حين أن الأحزاب الشيعية متمسكة برئاسة الحكومة لكونها الأقوى،

 بالإضافة إلى أن رئيس الحكومة هو القائد العام للقوات المسلحة، ما يعني أن قرار السلم والحرب عادة ما يكون بين المكون السياسي الشيعي".