Logo

خلافات حوثية للاستيلاء على "قصر عرفات" في صنعاء

الرأي الثالث 

في ثمانينيات القرن الماضي، حين كان اليمن سعيداً،  أهدى الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح، قصراً في صنعاء للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات للإقامة حين كانت المنافي رفيقته، خلال فترة الشتات التي عاشها جراء الصراع العربي ـ الإسرائيلي،

 ومنذ ذلك ظل ما يعرف لدى اليمنيين بـ"قصر عرفات" محاطاً مع ذكرياته بحرمة وصون السلطات المتعاقبة حتى جاءت مليشيات الحوثي التي احتلته ومنحته أحد قادتها.

والقصر الذي يقع في حي "حدة" جنوب صنعاء عبارة عن فيلا على مساحة تقدر بنحو 2500 متر مربع، بالإضافة إلى مقار ومؤسسات وجمعيات فلسطينية موزعة في العاصمة،

 لكن تلك الممتلكات سطت عليها ميليشيات الحوثي وشهدت مداهمة ونهباً واستيلاءً، من دون اكتراث بالمكانة الذي تحمله رمزية هذه الأملاك.

منزل الدولة

في محاولة لكشف المزيد من خفايا القصة، تواصلت "اندبندنت عربية" بالقيادي الحوثي محمود عبدالقادر الجنيد الذي يستولي على القصر، 

واكتفى بالقول إنه يتعرض "للمضايقات بين فترة وفترة" للمطالبة بمغادرته، من دون الكشف عن هوية القادة الآخرين الذين يسعون إلى الاستيلاء عليه. 

وعند السؤال عن مصير القصر قال إن "ملكيته تعود للدولة"، من دون المزيد من التفاصيل.

وسبق وأقر الجنيد في أبريل (نيسان) الماضي بالاستيلاء على القصر، متهماً القيادي الحوثي ناصر العرجلي من محافظة عمران بالوقوف وراء إثارة القضية في إطار صراع الاستيلاء عليه.

وسبق وشغل الجنيد منصب مدير مكتب الرئاسة في سلطة الحوثيين غير الشرعية بين عامي 2015 و2018، ثم نائباً لرئيس الحكومة حتى عام 2024.

"فيسبوك" يكشف الخلاف

أخيراً، كشفت عن خلافات داخلية عميقة بين قيادات ميليشيات الحوثي عن نزاع حول ملكية "قصر عرفات" تحولت إلى مواجهة علنية بلجوء أحد القادة لمواقع التواصل لطلب العون والكف عن أذاه من قبل قادة آخرين.
 
وأعلن الجنيد عن تعرضه لضغوط متكررة لإخراجه من السكن. وقال في منشور على صفحته في "فيسبوك" إن قيادات من صعدة "تحاول بصورة متكررة إخراجه"، وإنها ترسل وفوداً كل أسبوع لمطالبته بالمغادرة. 

ووجه الجنيد لجماعته تساؤلاً، "ألم تكفكم آلاف الفيلات والمنازل التي بحوزتكم من أملاك من تصفونهم بالمرتزقة؟" 

في إشارة إلى عمليات نهب المنازل والعقارات المملوكة لمعارضي الجماعة والمقار الدولية.

ويرى مراقبون أن هذا النزاع يعكس الولع الحوثي الشديد بالنهب والاستحواذ على كل مقدرات البلاد، بما فيها مقار البعثات المقيمة، 

كما يكشف عن تصاعد في حدة الخلافات بداخلها وخروجه للعلن بعدما ظلت تتقاسم ما وقع تحت يدها بهدوء وبعيداً من إثارة الرأي العام أو لفت نظره.

تركة الغنائم

في أول تعليق حكومي قال وزير الإعلام والثقافة والسياحة معمر الأرياني إن ما كتبه القيادي الحوثي محمود الجنيد "يمثل شهادة حية على حجم الصراع الدائر بين قيادات الميليشيات الحوثية على الأموال والممتلكات المنهوبة منذ انقلابها عام 2014".

 وأوضح الإرياني أن الحوثيين بعدما "استولوا على منزل الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في صنعاء وسلمته للجنيد عادت اليوم لتنازعه عليه، في مشهد يلخص طبيعة هذه الجماعة التي تنهب الدولة والمواطنين، ثم تتنازع فيما بينها على الغنائم". 

وأكد أن "هذه الحادثة تكشف عن أن ما يجري داخل مناطق سيطرة ميليشيات الحوثي الإرهابية لا يمت لإدارة الدولة بصلة، بل هو شغل عصابات، وأن الفساد والسرقة واللصوصية وتقاسم المسروقات هي الرابط الحقيقي بين قياداتها، لا أي مشروع سياسي أو وطني أو ديني كما يزعمون".

يذكر أن القيادي الحوثي المكنى بـ"أبي حسين الحوثي" المتحدر من محافظة صعدة معقل الجماعة، هو أول العناصر التي باشرت بالتعدي على حرمة قصر الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات بصنعاء بعدما سارع قبل سنوات إلى مداهمة المنزل مع مرافقيه وفرض كامل السيطرة عليه، وإجراء بعض الاستحداثات في باحاته. 

توفيق الشنواح 
صحافي يمني