Logo

مركز التنسيق الأميركي يعزز حضوره في غزة لضمان الاتفاق

الرأي الثالث - واشنطن بوست

 ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" أن "مركز التنسيق" الذي تقوده الولايات المتحدة، والمكلف بتنفيذ خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للسلام في غزة، من المفترض أن يحل مكان إسرائيل في الإشراف على المساعدات الإنسانية للقطاع، حتى مع وصف العديد من الأشخاص المطلعين على الأسابيع الأولى من عمليات المركز بأنها فوضوية ومترددة. 

وتنقل الصحيفة عن مسؤول أميركي، قوله إن العملية الانتقالية اكتملت، يوم الجمعة، وأصبح الإسرائيليون الآن "جزءاً من الحوار"،

 لكن القرارات ستتخذها الهيئة الأوسع في إشارة إلى الانتقال من وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الوحدة التابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي المسؤولة عن تنظيم وتسهيل وصول المساعدات إلى غزة، إلى مركز التنسيق المدني العسكري الذي أُنشئ بالقرب من حدود غزة.

وقال العديد من المطلعين على عملية الانتقال إن هذه الخطوة تُقصي دور إسرائيل في تحديد كيفية ونوعية الإغاثة الإنسانية التي يمكن أن تدخل غزة، في حين يتولى مركز تنسيق المساعدات الإنسانية (CMCC) زمام المبادرة. 

علماً أنه منذ بدء وقف إطلاق النار في غزة، أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ظلت المساعدات الإنسانية رغم تحسنها مقيدة بشكل كبير من قبل السلطات الإسرائيلية. 

ويضم "مركز التنسيق" الذي تقوده الولايات المتحدة أكثر من 40 دولة ومنظمة، 

وصرح الكابتن تيم هوكينز، المتحدث باسم القيادة المركزية الأميركية، في مقابلة: "إحدى فوائد جمعهم معاً هي أنه يُمكنك من التمييز بين الواقع والخيال، والحصول على فهم أوضح لما يحدث على الأرض، وأين تكمن الاحتياجات".

وحتى الآن، لم يفتح جيش الاحتلال الإسرائيلي سوى مدخلين للمساعدات إلى غزة، حيث تأتي الغالبية العظمى من المساعدات عبر معبر كرم أبو سالم، ولم تكن هناك أي عمليات تسليم مباشرة إلى شمال قطاع غزة منذ أوائل سبتمبر/أيلول الماضي. 

ووفقاً للأمم المتحدة، فإن العديد من الشاحنات المسموح لها بالدخول هي شاحنات تجارية من البضائع المعروضة للبيع في أسواق غزة، والتي لا يملك الكثيرون المال لشرائها. 

وكانت إسرائيل أغلقت نقطة العبور مع الأردن، حيث تنتظر كميات كبيرة من المساعدات، عبر جسر اللنبي على نهر الأردن طوال معظم العام.

ومُنعت غالبية منظمات الإغاثة الدولية من إدخال الغذاء إلى غزة لأشهر منذ أن فرضت إسرائيل قواعد تسجيل جديدة رفضت هذه المنظمات التوقيع عليها. 

ولطالما اشتكت منظمات الإغاثة من القيود التي تفرضها إسرائيل على "المواد ذات الاستخدام المزدوج" التي ترى أنها قابلة للتحويل إلى أسلحة، والتي شملت أعمدة الخيام والمشارط الطبية والمراهم لعلاج التهابات الجلد. 

وقال يان إيجلاند، الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين، يوم الخميس الماضي، تحسباً للانتقال إلى سيطرة المجلس المركزي لتنسيق المساعدات: "إسرائيل تُعيق البنود الإنسانية في خطة ترامب"، 

وأضاف: "بالنسبة لنا، يُعد الانخراط الفعال للولايات المتحدة خبراً ساراً للغاية".

على الرغم من أن خطة ترامب للسلام تتضمن زيادة هائلة في حجم المساعدات، لم تُعلن الولايات المتحدة حتى الآن ما هي القيود الإسرائيلية التي كانت مفروضة على دخول المساعدات يجب رفعها، 

أو كيف تخطط هيئة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية (CMCC) لإدارة مشروع المساعدات الضخم، وما إذا كانت القواعد الجديدة لهذا المكتب ستكون مقبولة لمنظمات الإغاثة التي تخشى أي نوع من الرقابة العسكرية.
 
طائرات أميركية تراقب غزة

وتشير واشنطن بوست إلى أن القيادة المركزية الأميركية، المسؤولة عن تخطيط الجيش الأميركي وتنسيقه في المنطقة، عززت مراقبتها لغزة، بما في ذلك استخدام الطائرات بدون طيار لمراقبة توزيع المساعدات ووقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس. 

وقال عامل إغاثة، عاد مؤخراً إلى واشنطن من مركز تنسيق العمليات العسكرية، للصحيفة: "ما دامت القيادة المركزية الأميركية نشطة وتعمل هناك، 

وما دامت الولايات المتحدة تُخاطر بسمعتها، إن صح التعبير، فأعتقد أننا سنشهد المزيد من الأصول الأميركية والعمليات التي يديرها الجيش الأميركي". 

وأضاف أن الكشف العلني عن تحليق الطائرات المسيرة "كان إشارة إلى أننا لا نعتمد على استخبارات جيش الاحتلال الإسرائيلي أو طائراته المسيرة... لدينا أصولنا الخاصة التي نُشغّلها".

ويُعتبر استمرار الضغط الأميركي على إسرائيل أمراً بالغ الأهمية لدفع خطة السلام قدماً، في ظل استمرار إسرائيل في تنفيذ عمليات عسكرية بغزة، وضمان استمرار الدعم من حكومات أوروبا والشرق الأوسط، والمنظمات غير الحكومية، التي يُعتبر دعمها حيوياً. 

ولم تنف إسرائيل أنها خاضعة للإدارة الأميركية وأن القيادة المركزية الأميركية تجمع معلوماتها الاستخبارية الخاصة للتحقق من امتثالها للاتفاق. 

وقال يوسي كوبرفاسر، جنرال سابق في جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي شغل منصب المدير العام لوزارة الشؤون الاستراتيجية: "إن النشاط الأميركي في غزة أمرٌ جديدٌ كلياً". 

وأضاف: "لكن قواعد تبادل المعلومات، في رأيي، هي نفسها. فكل ما هو قيّم لإسرائيل يُشارك". 

وتنقل واشنطن بوست عن شخص وصفته بأنه مطلع على طريقة تفكير البيت الأبيض: "المهمة الاستراتيجية الحيوية الوحيدة" للولايات المتحدة الآن هي "رعاية بيبي (بنيامين نتنياهو) لضمان عدم عودة القتال".

وحدد ترامب رؤية شاملة لما بعد وقف إطلاق النار، واصفاً مبادرته بشأن غزة بأنها "فجر تاريخي لشرق أوسط جديد"، بما في ذلك توسيع الاتفاقيات الإبراهيمية، وهي أول اتفاقية تطبيع دبلوماسي بين إسرائيل وأربع دول عربية. 

لكن العديد من القادة الإقليميين، بمن فيهم ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي سيزور البيت الأبيض في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني، ينتظرون ضمانات بأن الحرب انتهت بالفعل وأن إسرائيل ستتخلى عن السيطرة على القطاع.

 وتنقل الصحيفة عن مصدر في البيت الأبيض أن الدول العربية وغيرها من الدول "لن ترضى بالتطبيع" من دون دفع نتنياهو إلى اتخاذ خطوات نحو إقامة دولة فلسطينية، وهو ما رفضه رفضاً قاطعاً. 

وأضاف المصدر: "هذه هي اللحظة المناسبة" للضغط على نتنياهو، وأضافوا أن السؤال المطروح على ترامب هو: "هل سيفعل ذلك؟"

قوات أميركية لكن خارج غزة

ويقود الضابط الأميركي باتريك فرانك من القيادة المركزية الأميركية قوة قوامها 200 جندي أميركي، موجودين في مركز تنسيق العمليات العسكرية (CMCC)، الذي يقع مقره الرئيسي في مبنى من ثلاثة طوابق في مدينة كريات جات، على بُعد حوالي 40 ميلاً جنوب غرب القدس و20 ميلاً شمال شرق غزة. 

وعيّنت إدارة ترامب ستيفن فاجن، وهو ضابط متمرس في الخدمة الخارجية، وكان آخر منصب شغله سفيراً للولايات المتحدة في اليمن، قائداً مدنياً. 

ويشغل الأميركيون المزودون بمعدات مراقبة عالية التقنية، طابقاً واحداً من المبنى، بينما يشغل أفراد من الجيش والمخابرات والمدنيين الإسرائيليين طابقاً آخر. 

يوجد ممثلو العشرات ممن وصفهم قائد القيادة المركزية الأميركية، الأدميرال براد كوبر، بأنهم "دول شريكة، ومنظمات غير حكومية، ومؤسسات دولية، والقطاع الخاص" في طابق منفصل. ومن بين الدول التي لديها تمثيل رسمي فرنسا وألمانيا وبريطانيا.

وفي إعلانٍ صدر في 21 أكتوبر/تشرين الأول عن افتتاح المركز، ذكرت القيادة المركزية الأميركية أن مهمته هي "دعم جهود تحقيق الاستقرار" و"المساعدة في تسهيل تدفق المساعدات الإنسانية واللوجستية والأمنية". 

وقال العديد من الأشخاص الذين يعملون داخل المركز أو تعاملوا معه إن عملية صنع القرار تُعيقها، من بين أمور أخرى، حاجة كل حكومة ومؤسسة مُمَثّلة إلى استشارة العواصم والمقرات الرئيسية للموافقة في كل أمر، على حد تعبير أحد الأشخاص.

 في الوقت نفسه، قال هذا الشخص: "لا أعتقد أن لديهم أي أموال لفعل أي شيء حتى الآن".
 
عقدة نزع سلاح حماس

وفي حين يدعو الاتفاق إلى إنشاء قوة دولية لتثبيت الاستقرار تضم قوات من حكومات عربية ودولية، للتدريب والإشراف على قوة شرطة فلسطينية جديدة ومعتمدة، تبقى قضية نزع سلاح حماس عالقة حيث أعلنت الحركة أنها ستسلم أسلحتها للفلسطينيين فقط، 

وأشارت العديد من الدول، خاصة تلك الموجودة في العالم العربي والإسلامي، إلى أنها لا تريد المشاركة في عملية نزع سلاح حماس أو مواجهة ما القوات الإسرائيلية التي لا تزال خلف "الخط الأصفر" الذي يفصلها عن بقية غزة. 

كما أصرت معظمها على الحصول على تفويض من الأمم المتحدة وهو ما بدأت واشنطن في معالجته من خلال قرار مجلس الأمن الدولي الذي تقدمت به الأربعاء الماضي.

كما أصبحت عملية إعادة إعمار غزة نقطة خلاف أيضاً، وتقول واشنطن بوست إن بعض كبار مستشاري إدارة ترامب دفعوا نحو برنامج من شأنه أن يُنشئ بسرعة ما يصل إلى 16 "مجتمعاً آمنًا" خلف الخطوط الإسرائيلية القائمة في غزة. 

وداخل هذه التجمعات يمكن للفلسطينيين، الذين تم التحقق من هوياتهم، التنقل وتلقي المساعدات الأمنية والغذائية وغيرها من المساعدات الإنسانية، ربما لسنوات، بينما يتم نزع سلاح حماس ويتم طرح خطط طويلة الأجل للحكم وإعادة الإعمار. 

ورفضت منظمات الإغاثة هذا الاقتراح إلى حد كبير، معتبرةً إياه عودة إلى صيغة مؤسسة غزة الإنسانية المدعومة من إسرائيل والولايات المتحدة، والتي أدت إلى إطلاق النار على مئات المدنيين الغزيين من قبل قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي.