Logo

بوادر تأزم العلاقات الصينية اليابانية مع بداية عهد تاكايتشي

الرأي الثالث - وكالات

لم تتأخر مؤشرات توتر العلاقات الصينية اليابانية في عهد رئيسة الوزراء اليابانية ساناي تاكايتشي في الظهور، بعدما احتجت بكين لدى طوكيو على اتصال ساناي تاكايتشي مع سياسي تايواني كبير سابق على هامش قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ (أبيك) التي عقدت في كوريا الجنوبية قبل أيام، واصفة هذا العمل بأنه فظيع. 

وكانت رئيسة الوزراء اليابانية قد نشرت صوراً لها أثناء لقائها مع لين هسين إي على وسائل التواصل الاجتماعي يوم السبت الماضي، ووصفته بأنه مستشار كبير لمكتب الرئاسة في تايوان. 

وفي تصريحاتها، قالت إنها تأمل بأن "يتعمق التعاون العملي بين اليابان وتايوان. علماً أن لين هسين إي مثّل تايوان في قمة "أبيك"، وأعلن السبت الماضي أنه ناقش مع وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت سلاسل التوريد وأشباه الموصلات على هامش القمة.

وقالت وزارة الخارجية الصينية في بيان، السبت الماضي، إن ساناي تاكايتشي التقت عمداً بموظفين من سلطات منطقة تايوان (التي تعدها الصين جزءاً من أراضيها)، وروّجت ذلك على وسائل التواصل الاجتماعي. 

وذكر البيان أن هذه الإجراءات انتهكت بشكل خطير مبدأ الصين الواحدة، وروح الوثائق السياسية الأربع بين الصين واليابان (معاهدات التعاون والعلاقات الثنائية في 1972 و1978 ومعاهدتين في 2008)، والمعايير الأساسية للعلاقات الدولية، وأرسلت إشارة خاطئة للغاية إلى قوى استقلال تايوان. 

وأضافت وزارة الخارجية أن قضية تايوان هي شأن داخلي صيني وتقع في صميم المصالح الأساسية للصين، وأن التعامل مع هذه القضية يؤثر على أساس العلاقات الصينية اليابانية السياسي والثقة الأساسية في اليابان، ويشكل خطاً أحمر لا يجوز تجاوزه. 

وحثت بكين، وفق البيان، طوكيو على التفكير في أخطائها ومعالجتها، واتخاذ تدابير ملموسة لإلغاء التأثير السلبي، والتوقف عن التدخل في الشؤون الداخلية للصين، والعمل بشأن بناء علاقات بناءة ومستقرة بين الصين واليابان تناسب العصر الجديد.
 
وتعتبر بكين تايوان جزءاً لا يتجزأ من الصين، ويمكن إعادة توحيدها بالقوة إذا لزم الأمر، فيما لا تعترف اليابان ومعظم الدول الأخرى، بما فيها الولايات المتحدة، باستقلال تايوان ذات الحكم الذاتي. 

لكن واشنطن تعارض أي محاولة للاستيلاء على الجزيرة بالقوة، وتلتزم بتسليحها للدفاع عن نفسها، رغم معارضة بكين أي تعاون رسمي مع تايبيه. 

وجاء احتجاج بكين بعد يوم واحد فقط من لقاء تاكايتشي بالرئيس الصيني شي جين بينغ لأول مرة منذ توليها منصبها، الشهر الماضي، خلفاً لشيغيرو إيشيبا. 

وخلال الاجتماع على هامش قمة "أبيك"، أكد شي أن الصين واليابان يجب أن تديرا الخلافات بشكل صحيح من خلال التركيز على الصورة الأكبر، والسعي إلى إيجاد أرضية مشتركة مع الاحتفاظ بالاختلافات.

توتر العلاقات الصينية اليابانية

في هذا الصدد، رأى المختص في الشأن الآسيوي بمعهد فودان للدراسات والأبحاث (في الصين)، جينغ وي، أن ملامح مسار العلاقات الصينية اليابانية "بدا واضحاً منذ ترجيح كفة تاكايتشي لتولي منصب رئاسة الوزراء الشهر الماضي، وذلك بالنظر إلى تصريحاتها المستفزة ومواقفها المثيرة للجدل، خصوصاً ما يتعلق بمسألة تايوان والعلاقة مع الصين".

 ولفت إلى أن زيارة تاكايتشي في وقت سابق لضريح ياسوكوني (معبد شنتو الذي بني عام 1869 لتكريم يابانيين ماتوا في الحروب التي بدأت في القرن التاسع عشر بما في ذلك الحرب العالمية الثانية) "الذي يرمز إلى تكريم مجرمي الحرب اليابانيين، والتحدث إلى الرئيسة التايوانية السابقة تساي إنغ ون، والسعي إلى تعزيز العلاقات الأمنية مع تايبيه وواشنطن، تأتي في هذا الإطار". 

وفي رأيه، فإن هذه الخطوات "ترسل إشارات واضحة للصين بأن البلدين أمام مرحلة جديدة سيشوبها الكثير من التوتر الأمني والسياسي، ما ينعكس سلباً على أمن واستقرار المنطقة".

نبرة عالية

من جهته، وصف جو فانغ، الباحث الزميل في جامعة آسيا (تايوان)، تاكايتشي بأنها "صوت اليابان القوي"، مضيفاً ، أن "الصين لم تعتد على سماع هذه النبرة العالية من رؤساء الوزراء السابقين في يتعلق بالقضايا العالقة بين البلدين".

 ولفت إلى أن الرئيسة الجديدة لم تكتف بالابتسام أمام الكاميرا خلال لقائها الأخير بشي في كوريا الجنوبية، فقد أثارت جميع الملفات العالقة بين بكين وطوكيو، منها احتجاز وسلامة المواطنين اليابانيين في الصين، 

فضلاً عن القيود التي تفرضها السلطات الصينية على استيراد لحوم البقر والمأكولات البحرية اليابانية.

 كما تحدثت عن ضوابط التصدير الصينية للمعادن النادرة. أما في ما يتعلق بالقضايا الإقليمية، فقد أثارت ملف تايوان، والمخاوف بشأن الأنشطة العسكرية الصينية في بحر الصين الشرقي وبحرها الجنوبي المتنازع عليه.
 
وبالإضافة إلى تواصلها المتكرر مع المسؤولين التايوانيين خلال حملتها الانتخابية، اختارت تاكايتشي، وفق جو فانغ، أيضاً "عدداً من السياسيين المؤيدين لاستقلال تايوان لشغل مناصب وزارية، بمن فيهم مينورو كيهارا، المسؤول الحكومي السابق، الذي عُيّن أميناً عاماً لمجلس الوزراء، والذي يُعد من أشد المؤيدين لتايوان، وهو عضو بارز في الرابطة البرلمانية اليابانية التايوانية".

 وكانت وسائل إعلام صينية قد أوردت أن توتر العلاقات الصينية اليابانية بدت واضحة عندما التقى وزيرا الدفاع الصيني دونغ جون والياباني شينجيرو كويزومي، على هامش اجتماع وزراء دفاع رابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان) في كوالالمبور، الأسبوع الماضي. 

فقد أبلغ كويزومي دونغ بأن اليابان تشعر بقلق بالغ إزاء تزايد الأنشطة العسكرية الصينية في بحر الصين الشرقي. واتفق الوزيران على أهمية استمرار التواصل بين الجانبين، مؤكدَين على تعزيز الحوار والتبادلات على جميع المستويات. 

وقد انتهى اللقاء دون الإعلان عن التوصل إلى تفاهمات واضحة. 

كذلك ففي وقت سابق من الأسبوع الماضي، تحدث كبار الدبلوماسيين في البلدين عبر الهاتف، إذ قال وزير الخارجية الصيني وانغ يي لنظيره الياباني توشيميتسو موتيغي إن القضايا التاريخية وقضية تايوان هي مسائل أساسية في العلاقات الثنائية.