Logo

حلف قبائل حضرموت ينظم عرضا عسكريا لقوات فصيله المسلح

 نظّم حلف قبائل حضرموت، الذي يقود مع مؤتمر حضرموت الجامع منذ أكثر من عام تصعيدًا سياسيًا ضد السلطة المحلية والحكومة، أمس الأحد، عرضًا عسكريًا لقوات فصيله المسلح «قوات حماية حضرموت»،

 التي أعلن عن تأسيسها في ديسمبر/كانون الأول الماضي، كفصيل مسلح خاص به، وبات، يتكون من أربعة ألوية، أعلن عن استحداث ثلاثة منها في سبتمبر/ أيلول الماضي، وذلك بعد ثلاثة أشهر من إعلان تشكيل اللواء الأول، 

في سياق سعي الحلف لتعزيز قدراته، بما يُكرّس من قوة مشروعه السياسي، الذي يتبنى، من خلاله، المطالبة بالحكم الذاتي لحضرموت، المحافظة اليمنيّة الأكبر مساحة والأغنى نفطا.

يأتي تنظيم العرض العسكري بعد يومين من اتهام الحلف للسلطة المحلية في المحافظة الواقعة شرقي البلاد، بإفشال مساعي التوصل إلى تفاهمات. 

وقال الحلف لـ«القدس العربي» إن السلطة المحلية للمحافظة لم تُبدِ الجدية الكافية في ترجمة ما تم الاتفاق عليه (تفاهمات خدمية واقتصادية) إلى خطوات ملموسة، بل زاد قائلًا إنها «أظهرت مماطلة وغياب للنية الصادقة، مما جعل الحلف يعلن أن تلك التفاهمات وصلت إلى طريق مسدود».

وجاء تنظيم العرض العسكري، خلال احتفال بتخرج الدفعة الثانية من دورة الاستجداد بقوات حماية حضرموت.

وقال بيان، إن هذا العرض، عكس مستوى الانضباط والجاهزية، التي يتمتع بها الخريجون، وجسّد مكانة هذه القوات «ودورها في تعزيز الأمن والاستقرار».

وفي الحفل، قال رئيس الحلف، وهو القائد الأعلى لهذه القوات، عمرو بن حبريش، إن «قوات حماية حضرموت تزداد يومًا بعد يوم ثبات على الأرض في مسار بناء مؤسسة عسكرية حضرمية متينة».

وأكدًّ أن حضرموت «ماضية بكل إصرار وعزيمة نحو تحقيق مشروعها المستقبلي، والتخلص من آثار هذه المرحلة والمراحل السابقة، وكل المظالم التي عانى منها الحضارم»، 

مشيرًا إلى أن هذه المظالم وهيمنة من اسماها «الأطراف الأخرى» لن تزول إلا بوحدة الصف وتماسك الإرادة الحضرمية، وبتقوية مؤسساتها العسكرية والأمنية، حد تعبيره.

فيما قال وكيل محافظة حضرموت لشؤون مديريات الساحل والهضبة، سعيد عثمان العمودي، خلال الحفل، إن «هذه القوات أوجدتها الضرورة الملحة للدفاع عن الحق والعزة والكرامة وتحقيق مبادئ العدل والمساواة».

كما اعتبر قائد قوات حماية حضرموت، مبارك أحمد العوبثاني، أن هذه القوات «جاءت استجابةً لحاجة حضرموت إلى قوة نظامية متخصصة من أبنائها تتولى حماية الإنسان والأرض والثروات، وتحافظ على الأمن والاستقرار»،

 مؤكّدًا أن «حضرموت اليوم قد «شبّت عن الطوق»، ولن تُحجب شمسها عن تحقيق تطلعات أبنائها وقرارهم المستقل».

ويُشار إلى أن مشروع حلف قبائل حضرموت ينطلق من النزعة الحضرمية، معبرًا عنها من خلال رفع بيرق الحكم الذاتي؛ مشكلًا بذلك تهديدًا وجوديًا لمشروع المجلس الانتقالي الجنوبي (الانفصالي)، الذي يرى في حضرموت (ورقة الجوكر) بالنسبة لمشروعه، 

وطالما أكدَّ في خطابات قياداته أن حضرموت ركن الزاوية فيما يُسميها «الهُوية الجنوبية»، التي تقوم عليها دولته الانفصالية (دولة الجنوب العربي)، التي يرنو لإقامتها على حدود جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، التي كانت قائمة قبل عام 1990 في جنوب وشرق البلاد؛

 وبالتالي فتنامي الفصيل المسلح للحلف قد يبدو ضرورة في مناوئة مشروع الانتقالي، وفي نفس الوقت لتعزيز حضور الحلف رديفًا للحكم الذاتي الذي يطالب به لحضرموت، أو بمعنى آخر للدولة التي يريدها هناك، وفق مراقبين.

يعكس العرض العسكري الأخير تسارع الخطى الحثيثة للحلف باتجاه استكمال إنشاء فصيل مسلح يُمكّنه من تعزيز حضوره وهيمنته السياسية في حضرموت، باتجاه تحقيق هدفين: تصدر وتجاوز القوى الحضرمية الداخلية والمشاريع التي تسعى للهيمنة على حضرموت كالانتقالي، 

وبالتالي تحقيق الهدف الثاني، وهو تمثيل حضرموت في أي تسوية سياسية يمنيّة مقبلة؛ باعتباره الأكثر حضورًا والأقوى على الأرض، كما يتم تكريسه حاليًا.

كما أن الدعم الذي يلقاه الحلف باتجاه تعزيز حضوره المسلح يهدف لإيجاد قوة حضرمية حاضرة وفاعلة وقادرة على تفريغ مشروع الانتقالي من فاعليته، وفي نفس الوقت، كما سبقت الإشارة، تمثيل حضرموت،

 وبالتالي الفوز بمراكز وعوامل قوة المحافظة، التي تمثل معظم حدود اليمن مع المملكة العربية السعودية.

يتعزز حضور القوة المسلحة لحلف القبائل، فيما يتوافر في حضرموت فصيلان مسلحان آخران؛ كل واحد منهما مدعوم من إحدى دولتي التحالف، 

فبينما أنشأت وتدعم الإمارات قوات «النخبة الحضرمية»، أنشأت السعودية وتدعم قوات «درع الوطن» ، لتشكل «قوات حماية حضرموت» عنوانًا ثالثًا للحضور المسلح في المحافظة، التي برزت لعقود طويلة ضمن قائمة أكثر المحافظات اليمنية مسالمة وبُعدًا عن مراكز الاحتراب،

 إلا أن مشروع الفصيل الثالث (قوات حماية حضرموت) يبدو مختلفًا، فهو يدعم مشروع سياسي يضمن موقف المحافظة، في مضيها نحو دولة أو إقليم.

وتعليقًا على فيديو العرض العسكري، قال القيادي في الحلف، صبري بن مخاشن، في تدوينة: «نحن الأرض، نحن الحكم الذاتي. نحن القوة، نحن الجند، نحن حضرموت».

في يونيو/ حزيران الماضي، أعلن الفريق، الذي شكّله «حلف القبائل» لإعداد وثائق الحكم الذاتي لحضرموت، وثيقة المبادئ الأساسية للحكم الذاتي للمحافظة؛ في خطوة أضافت تعقيدًا جديدًا للمشهد السياسي اليمني الراهن، 

كما فرضت معوقًا إضافيًا أمام مسار الحل والسلام، في البلد الغارق في الاحتراب منذ 11 سنة.

وتحدثت الوثيقة عن شعب، وسيادة، وأمة عالمية، ودستور وعلم ونشيد وطني وحدود، وعن «قوات الدفاع، في ظل دستورها المعبّر عن سيادة شعب حضرموت على أرضه»؛ وهو ما اعتبره مراقبون خطوة في طريق الاستقلال لا الحكم الذاتي.

أثار العرض العسكري ردود فعل يمنيّة على منصات التواصل الاجتماعي. وقال رئيس تحرير صحيفة «عدن الغد» اليومية، فتحي بن لزرق، في تدوينة: «قبل عامٍ وقليل، لم يكن لهذا الجيش أي وجود. قوات حماية حضرموت. 

كان عمر بن حبريش، وكيل محافظة، يهشّ بعصاه على حياته الخاصة، وبعض أعماله. 

واليوم، صار هناك جيش، وجيش ينمو بخطى متسارعة، جيش سنفوق خلال مدة قصيرة، وهو يملك المدرعات وكافة الأسلحة». 

وأضاف: «سار “عمر” على خطى غيره، وقرّر أن يكون دولة وجيشاً، وأن يكون الرئيس. صرخ بأعلى الصوت: «أنا الحكومة! هل سيتوقف الأمر عند عمر؟ أبداً، ستسير الأمور إلى أبعد مما نتوقع».

وأكمل: «لا أستطيع أن ألوم عمر ولا الحضارم، فالبلاد كلها جيوش ورؤساء وقيادات، لكنني حزين على هذه البلاد، وأنا أراها تتقسم، وتتشظّى، وتتفكك يوماً بعد يوم».

وكان القيادي في الحلف، صبري من مخاشن، تحدث في تصريح سابق لـ«القدس العربي» أن «الحكم الذاتي هو حكم محدد في الفترة الحالية بهدف انتشال وضع حضرموت وأبناءها»، 

مضيفًا أن «وثيقة المبادئ الأساسية للحكم الذاتي اعتمدت على السيادة، وحق تقرير المصير (…)لا يعني ذلك انفصالًا، الحضارم لا يريدوا ذلك، هم يريدون أن يكونوا قائمين على أرضهم وثروتهم ويمنعون الفساد».

وأردف: «ما أقصده بحق تقرير المصير، هو أن الحضارم يريدون حق تقرير المصير في أي تسوية سياسيًة قادمة، أكان عبر إقامة الحكم الذاتي لحضرموت أو في إطار أي تسوية سياسية قادمة لصياغة عقد سياسي جديد لشكل الدولة القادمة، كضامن لعدم عودة الهيمنة».

وتصاعدت الأزمة القائمة في حضرموت منذ أكثر من سنة، من خلال تصعيد ضد السلطة المحلية والحكومة، تصدر له حلف قبائل حضرموت ومؤتمر حضرموت الجامع، اللذان يرأسهما عمرو بن حبريش، وتحديدًا منذ يوليو/ تموز 2024، وذلك على خلفية مطالب خدمية وسياسية، تطورت تداعياتها إلى المطالبة بالحكم الذاتي.

ونشر رئيس حلف قبائل حضرموت، على حساب الحلف في منصة «فيسبوك» بتاريخ 21 مارس/أذار خبرًا عن لقاء جمعه في جدة بوزير الدفاع السعودي، الأمير خالد بن سلمان. 

وفي 12 مايو/أيار أعلن رئيس حلف قبائل حضرموت، تشكيل، ما سماه، فريقًا مختصًا لإعداد، ما اعتبرها، «كافة الوثائق الأساسية لبناء الحكم الذاتي»، التي تم الإعلان عنها في 22 يونيو/حزيران. 

وكان عضو مجلس القيادة الرئاسي، فرج البحسني، قد أعلن خلال أيار/مايو الماضي أن المجلس كلفه بالإشراف على وضع الحلول اللازمة لاحتواء الأوضاع في محافظة حضرموت.

أحمد الأغبري
القدس العربي