سورية وإسرائيل نحو اتفاق "خفض تصعيد": ماذا سيتضمن؟
الرأي الثالث - وكالات
انخفضت التوقعات في المفاوضات الجارية بين الجانبين السوري والإسرائيلي بشأن التوصل إلى اتفاق أمني شامل بينهما، إلى الحديث عن اتفاق "خفض تصعيد"، بما يذكر بالتسميات التي كانت سائدة في شمال غرب سورية برعاية روسية تركية، بين النظام السوري السابق والمعارضة.
وذكر المبعوث الأميركي إلى سورية، توم برّاك، أن الجانبين السوري والإسرائيلي يقتربان من الوصول إلى اتفاق "خفض التصعيد" الذي سيكون خطوة أولى نحو الاتفاق الأمني الذي يتفاوض عليه الجانبان.
وقال برّاك في تصريح للصحافيين على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، مساء الثلاثاء الماضي، أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب "سعى إلى التوصل إلى اتفاق بين الجانبين سيتم الإعلان عنه هذا الأسبوع، لكن لم يتم تحقيق تقدم كاف حتى الآن،
كما أن عطلة رأس السنة العبرية هذا الأسبوع أبطأت العملية".
وأوضح أن اتفاق "خفض التصعيد" ينص على أن توقف إسرائيل هجماتها على سورية، بينما توافق الحكومة السورية على عدم نقل أي آلات أو معدات ثقيلة قرب الحدود مع الأراضي المحتلة،
معتبراً أن "الجميع يتعاملون مع الأمر بحسن نيّة، وأن الاتفاق سيمثل انتصاراً لإدارة الرئيس ترامب".
الاعتداءات الإسرائيلية على سورية
وتجري سورية وإسرائيل محادثات للتوصل إلى اتفاق تأمل دمشق أن يضمن وقفاً لاعتداءات إسرائيل على أراضيها، وانسحاب قواتها التي توغلت في جنوب سورية.
و قال الرئيس السوري أحمد الشرع، الأربعاء، من على منبر الأمم المتحدة، إن "السياسات الإسرائيلية تعمل بشكل يخالف الموقف الدولي الداعم لسورية ولشعبها في محاولة لاستغلال المرحلة الانتقالية، ما يعرض المنطقة للدخول في دوامة صراعات جديدة لا يعلم أحد أين تنتهي".
وأشار إلى أن "التهديدات الإسرائيلية ضد بلادنا لم تهدأ منذ الثامن من ديسمبر إلى اليوم"، وأن سورية استخدمت الحوار والدبلوماسية لـ"تجاوز الأزمة"، متعهدا بالتزام بلده باتفاق فضّ الاشتباك لعام 1974.
وحذر الشرع من أن سياسات إسرائيل تهدد بالدخول في صراعات جديدة في المنطقة.
وكان الرئيس السوري أحمد الشرع قد قال إن إسرائيل قامت باعتداءات كثيرة على سورية بلغت نحو ألف غارة و400 توغل، وما زالت تحتل الجولان، لكن سورية تسعى لتجنب الحرب، لأنها في مرحلة بناء.
وفي وقت سابق قال الرئيس الشرع خلال لقائه بقمة كونكورديا في نيويورك، الاثنين الماضي: "نحن متجهون نحو التهدئة وأن تعطى سورية فرصة للبناء، وإذا نجحت التهدئة وكان هناك التزام من إسرائيل بما يتم الاتفاق عليه فربما تتطور المفاوضات".
وأوضح انه إذا نجحت المرحلة الأولى من المفاوضات وتم التوصل إلى الاتفاق الأمني الذي يعيد إسرائيل إلى اتفاقية 1974، فستمضي دمشق نحو مناقشة ملفات أبعد، تتعلق بمصير الجولان المحتل، والعلاقة بين سورية وإسرائيل على المدى البعيد.
وأكد استعداد سورية لمناقشة مخاوف إسرائيل الأمنية. ودعا المجتمع الدولي للوقوف إلى جانب سورية لمواجهة المخاطر واحترام سيادة ووحدة الأراضي السورية.
نتنياهو: مفاوضاتنا مع سورية مستمرة
إلى ذلك، أصدر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بيانا قال فيه إن "المفاوضات مع سورية مستمرة".
وأضاف أن نتائج هذه المفاوضات تعتمد على "ضمان مصالح إسرائيل، التي تشمل، من بين أمور أخرى، نزع السلاح في جنوب غرب سورية، وضمان سلامة وأمن الطائفة الدرزية في سورية"، وفقا لما ذكرته صحيفة يديعوت أحرونوت على موقعها على الإنترنت.
أطماع إسرائيل في سورية
في الصدد، صدرت دراسة موسعة عن مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، ومقره في بيروت، بعنوان "الجنوب السوري ومخاطر السيطرة الإسرائيلية" للباحث إبراهيم عبد الكريم، جاء فيها أن لإسرائيل أطماعاً في أراضي الجنوب السوري،
وأن إسرائيل قدمت وثائق خلال المفاوضات مع سورية عام 2000 في عهد حكومة إيهود باراك تزعم أن هناك 58 ألف دونم مملوكة لليهود في سورية، منها خمسة آلاف دونم في الجولان، والباقي في أنحاء سورية، خصوصاً في منطقة حوران (محافظة درعا).
وقال الباحث عبد الكريم إنه وفق تقارير إسرائيلية فإن مساحة الأرض التي استولت عليها إسرائيل في سورية منذ سقوط نظام الأسد نهاية العام الماضي بلغت 400 كيلومتر مربع، أقامت فيها عشر قواعد عسكرية من جبل الشيخ شمالاً إلى درعا جنوباً.
وأضاف أنه حسب تقارير إسرائيلية، فقد أكد الجانب الإسرائيلي خلال الاجتماعات مع الأتراك في باكو عاصمة أذربيجان في إبريل/نيسان الماضي، على "خطين أحمرين" في سورية، هما: "نزع كل الأسلحة من المنطقة الواقعة في جنوبي سورية، حتى عمق 80 كيلومتراً من الحدود، وحرية طيران سلاح الجو الإسرائيلي في أجواء سورية ولبنان".
ووفق التقارير، فإن إسرائيل لن تسمح بإدخال أنظمة رادار أو أنظمة أخرى إلى سورية من شأنها أن تحد من أنشطة طيرانها، وأن الجيش الإسرائيلي يعمل على منع أي جيش أجنبي من الحصول على موطئ قدم في سورية.
ولفت التقرير إلى أن جيش الاحتلال قسم المناطق الجنوبية بين الحدود ودمشق إلى ثلاثة مجالات عمل، الأولى منطقة الفصل بعمق حتى خمسة كيلومترات عن الحدود،
والثانية مجال الأمن حتى 15 كيلومتراً عن الحدود، والثالثة مجال النفوذ الذي يتواصل حتى طريق دمشق السويداء، بعمق 60 إلى 65 كيلومتراً.
وأوضح أن المسؤولين الأمنيين في إسرائيل يقولون إنهم بحاجة إلى الاحتفاظ بـ"منطقة سيطرة" بعمق 15 كيلومتراً داخل الأراضي السورية، لضمان عدم إطلاق الصواريخ نحو الجولان،
إضافة إلى الاحتفاظ بـ"منطقة نفوذ" تمتد بنحو 60 كيلومتراً داخل الأراضي السورية، تكون خاضعة للسيطرة الاستخباراتية الإسرائيلية للتأكد من عدم نشوء تهديد في المستقبل.