"رويترز": أمريكا تضغط على سوريا لإبرام اتفاق مع "إسرائيل"
كشفت وكالة "رويترز"، نقلاً عن مصادر مطلعة، اليوم الثلاثاء، أن الحكومة السورية تواجه ضغطاً أمريكياً من أجل إبرام اتفاق أمني مع "إسرائيل".
لكن الاتفاق- بحسب الوكالة- الذي تريده واشنطن لا يرقى إلى مستوى معاهدة سلام شاملة.
كما ذكرت المصادر أن واشنطن تسعى لتحقيق تقدم ملموس بين البلدين بحلول اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك نهاية الشهر الجاري، بما يسمح للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بالإعلان عن تحقيق اختراق دبلوماسي.
وأضافت أن "أي اتفاق حتى لو كان متواضعاً، سيكون إنجازاً؛ نظراً لتصلب الموقف الإسرائيلي من جهة، ووضع سوريا الضعيف بعد أحداث العنف الطائفي في الجنوب من جهة أخرى".
وأشارت المصادر إلى أن "دمشق تصر على انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي التي سيطرت عليها بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر الماضي، وإعادة فرض المنطقة العازلة المنزوعة السلاح المتفق عليها في هدنة 1974، إلى جانب وقف الضربات الجوية والتوغلات البرية".
وأوضحت أيضاً أن "المحادثات لم تتناول قضية الجولان المحتل منذ عام 1967"، حيث أكد مصدر سوري أن هذا الملف سيُترك "للمستقبل".
ولفتت إلى أن "إسرائيل ألغت فعلياً اتفاق 1974، واقتربت قواتها مسافة 20 كم فقط من دمشق، وهاجمت مواقع عسكرية سورية، وخلال المفاوضات في باريس مع الحكومة السورية أبدت تحفظاً على التراجع عن مكاسبها الميدانية".
وقال مصدر أمني إسرائيلي إن "الولايات المتحدة تضغط على سوريا لتسريع التوصل إلى اتفاق أمني وهو أمر شخصي بالنسبة لترامب"، مضيفاً أن "الرئيس الأمريكي يريد تقديم نفسه كمهندس نجاح دبلوماسي جديد في الشرق الأوسط، لكن إسرائيل لا تقدم الكثير".
كما أكد مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية أن "واشنطن تواصل دعم أي جهود من شأنها تحقيق الاستقرار والسلام الدائمين بين إسرائيل وسوريا".
وبحسب دبلوماسي غربي ومصدرين سوريين لـ"رويترز" سادت أجواء من التوتر وانعدام الثقة الاجتماعات بين دمشق وتل أبيب في باريس، رغم محاولة اتباع نهج تدريجي شبيه بالمسار الذي أدى إلى معاهدة السلام المصرية – الإسرائيلية عام 1979".
إذ رفض وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، خلال محادثات باريس فكرة إنشاء ممر إنساني يربط السويداء بالجولان المحتل، معتبراً أنه "يمس السيادة السورية".
ستة مصادر مطلعة أكدت كذلك للوكالة أن "إسرائيل لا تعتزم إعادة الجولان حتى على المدى البعيد، إذ كانت إدارة ترامب قد اعترفت به كجزء من إسرائيل في ولايته الأولى".
وعرضت "إسرائيل" - بحسب "رويترز"- عبر المبعوث الأمريكي توماس باراك مقايضة تقضي بانسحابها من جنوب سوريا مقابل اعتراف الشرع بسيادتها على الجولان، لكن دمشق رفضت الطرح، مؤكدة أن "أي اتفاق يجب أن يرتكز على خطوط 1974".
مسؤولون سوريون وغربيون أوضحوا أن "الرئيس السوري أحد الشرع رغم استعداده لتسريع المفاوضات استجابة لضغوط واشنطن، يتجنب المجازفة بتسوية نهائية قد تهدد حكمه، في ظل غياب عناصر الثقة الأساسية".
كما أكد مسؤول أمريكي كبير أن "ترامب أوضح للشرع خلال لقائهما في الرياض بمايو الماضي، أنه يتوقع من سوريا الانخراط في مسار سلام وتطبيع مع إسرائيل وجيرانها".
ويحرص الشرع – وفق مساعد مقرب – على تجنب مواجهة عسكرية مع "إسرائيل" كجزء من خطته لإعادة البناء والحكم، فيما يرى دبلوماسيون أن رغبته في جذب الدعم الاقتصادي وإعادة الإعمار من دول الخليج وواشنطن قد تدفعه إلى تقديم تنازلات، مثل منح حكم ذاتي أوسع للمناطق الكردية والدرزية، أو نزع السلاح في محيط الحدود مع "إسرائيل" والأردن.
يشار إلى أنه في أغسطس الماضي، نفت الحكومة السورية صحة التقارير التي تحدثت عن توقيع اتفاق أمني مرتقب بين سوريا و"إسرائيل"، في 25 سبتمبر الجاري، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
ومنذ سقوط نظام المخلوع بشار الأسد، نفذ جيش الاحتلال مئات الغارات على مخازن أسلحة ومواقع وثكنات عسكرية، كما توغلت قواته في مناطق عدة جنوب سوريا، واحتلت جبل الشيخ الاستراتيجي.