Logo

نتنياهو يتجاهل الضغوط الداخلية والخارجية ويواصل حرب الإبادة

الرأي الثالث - وكالات

 رغم تأييد أغلبية الإسرائيليين لإنهاء الحرب، وفقًا لاستطلاع جديد واستطلاعات سابقة، فإن نتنياهو يستمد التشجيع لمواصلتها في ظل تأييد ثلاثة أرباع الإسرائيليين لعدم وجود أبرياء في قطاع غزة، ما يعني المشاركة المباشرة في نزع الصفة الإنسانية للفلسطينيين وشيطنتهم، وبالتالي تحليل قتلهم. 

وربما هذا يفسر بقاء الاحتجاجات في إسرائيل بشكل عام منذ انطلاقها خجولة وغير واسعة بما يكفي لفرملة مركبة الحرب والقتل. مثلما تستفيد حكومة الاحتلال من ضعف الانتقادات الدولية الرسمية، 

رغم جرائمها اليومية، فمقابل الانتقادات والمظاهرات الواسعة في العالم ردًا على مذبحة مستشفى ناصر في خان يونس، أول أمس، صمتت الحكومات في الغرب والشرق، أو أعربت “عن قلقها” مكتفية بأقوال دون أي عقوبة، 

رغم أن الجرائم تُنقل بالبث الحي وتظهر استهداف صحافيين ومسعفين ومدنيين داخل مستشفى بقذيفة دبابة وبمسيرة مرتين، وهناك من يقول إن القصف توالى أربع مرات.

وبعدما أعربت إسرائيل عن أسفها، أمس، لـ“الخطأ التراجيدي”، عادت اليوم لتقول، استنادًا لـ”تحقيق الجيش”، إن القصف استهدف ستة إرهابيين كانوا في المستشفى “دون ذكر أسمائهم”.

وتستفيد حكومة الاحتلال من تأييد الإدارة الأمريكية فعليًا لمواصلة المذبحة وإمعانها في ثرثرة متناقضة، قال ترامب في آخرها إنه يقدّر أن الحرب ستنتهي في أسبوعين أو ثلاثة،

 واليوم يقول مبعوثه ويتكوف إن الحرب ستستمر حتى نهاية العام الحالي، وقبل ذلك برّر ترامب استمرار المذبحة بالقول إنه ينبغي تدمير “حماس” من أجل استعادة المحتجزين.

اللعب الإسرائيلي بترامب

ويواصل مراقبون إسرائيليون أيضًا الاستخفاف بتصريحات الإدارة الأمريكية، فيقول المعلق السياسي في صحيفة “هآرتس” حاييم ليفنسون، اليوم الأربعاء، إن هناك فجوة كبيرة بين الواقع في إسرائيل والقصص التي يقصّها نتنياهو في البيت الأبيض. 

لافتًا إلى أنه من محادثاته مع مسؤولين أمريكيين في واشنطن يستنتج أن حملة نتنياهو الدعائية في واشنطن كانت شديدة جدًا وفيها وَعَدَ ترامب بخطة لاحتلال سريع لغزة، لا يمكن تطبيقها.

ويضيف ليفنسون: “خطة احتلال مدينة غزة مناورة ستؤدي للمزيد من الخراب والموت، ولن يحدث شيء خلال الأسبوعين القادمين، ونتنياهو قد سوّق حملة عسكرية لترامب مفادها أن الجيش سيدمّر “حماس” خلال بضعة أسابيع، لكن الجيش يقول إن الوضع مختلف تمامًا”. 

مؤكدًا ما سبق أن قاله رئيس حكومة الاحتلال الأسبق إيهود باراك، يخلص ليفنسون للقول إن نتنياهو وديرمر يبيعان ترامب أكاذيب ويغرّران به. 

يُشار إلى أن باراك قد قال، في مقال نشرته “هآرتس” قبل أسبوع، إن ترامب لا يفقه شيئًا في الشؤون العسكرية، وإن نتنياهو “يلعب” عليه ويخدعه.

موديل بيروت

في ظل كل ذلك يستخفّ نتنياهو بكل الانتقادات والضغوط الداخلية والخارجية ويتعايش معها بسبب كونها خفيفة، ولا يكترث حتى بإطلاع مصر رسميًا على ردها، ما يثير غضبًا كبيرًا في القاهرة، وفق القناة 12 العبرية، ليلة البارحة، 

بقولها على لسان محللتها للشؤون السياسية دانا فايس إن مصر غاضبة لاستخفاف نتنياهو بها وعدم الرد حتى على مقترحها الذي وافقت عليه “حماس” للوصول لهدنة.

وتابعت: “الغضب كبير في القاهرة لدرجة أن السيسي أرسل وفدًا لتل أبيب من أجل فهم ما يجري ولماذا وكيف لا ترد إسرائيل على مقترحها هي وقطر”، منوّهة إلى أن القاهرة تخشى أن نتنياهو على تنسيق تام مع ترامب، وأنهما اتفقا على عدم التعامل مع الصفقة المطروحة الآن وتأجيلها بعد “القضاء على حماس” في الحملة العسكرية الوشيكة، 

ومن ثم الإعلان عن نهاية الحرب من قبل ترامب خلال زيارة محتملة له للبلاد خلال أيلول القريب”.

المخفي أعظم

لدى نتنياهو “المخفي أعظم”، وهو الجرح في الـ”أنا” المتضخمة نتيجة “طوفان الأقصى”، فما زال بعد عامين من الفشل في إخضاع المقاومة الفلسطينية، رغم تدمير القطاع، يبحث عن انتصار “تاريخي” (من أجيال لاحقة، كما قال قبل أسبوع)، 

أو عن صورة انتصار تحفظ له صورته وهيبته وشعبيته المتضررة والمدفوعة باعتبارات أيديولوجية، تتمثل بمحاولة حسم الصراع مع الشعب الفلسطيني وتدمير قضيته الوطنية. نتنياهو لا يريد للحرب أن تنتهي الآن، ولذا فقد غابت الصفقة والحرب على غزة عن اجتماع الكابينت أمس، والذي تم تكريسه لـ “شؤون إقليمية”، وتم اختزاله من أجل ذهاب نتنياهو ووزرائه لوجبة عشاء في مطعم فاخر قائم داخل بيت فلسطيني مسروق في القدس المحتلة،

 ما أثار موجة انتقادات على بلادة إحساس حكومة الاحتلال الباحثة عن وجبات المحاشي ولحم البقر وتحلية “القطايف” الفلسطينية، فيما يكابد المحتجزون الأسر والجوع في غزة، كما قالت واحدة من أمهاتهم خلال مظاهرة تل أبيب في الليلة الفائتة.

وفي هذا المضمار، يوضح المحلل السياسي في صحيفة “يديعوت أحرونوت” نداف أيال أن نتنياهو يطمع باستنساخ خروج بيروت عام 1982، وذلك من خلال الضغط على مدينة غزة وعلى “حماس” ومحاولة خنقها في المدينة، وعندها إتمام صفقة بشروطه تشمل إجلاء من تبقى من قادة المقاومة واستعادة المحتجزين. 

ويشير أيال إلى أن كل ذلك يجري وسط تجاهل للكارثة الإنسانية في القطاع، وعدد الأبرياء القتلى، وعزلة إسرائيل دوليًا، وتآكل قوة جيشها، والخوف على مستقبل المختطفين.

ويتابع محذرًا، على غرار مراقبين إسرائيليين كثر: “كل هذه الأمور تحوّل الحملة العسكرية “قبضة حديدية” لخطيرة جدًا… لمغامرة منفلتة يقودها كابينت يسارع إلى إنهاء اجتماع من أجل ارتياد مطعم في زمن حرب”.

وتَوافَقَ معه نائب رئيس الموساد سابقًا الجنرال في الاحتياط رامي إرا، الذي قال للإذاعة العبرية، صباح اليوم، إن التطلع لرفع “حماس” وهم خطير، داعيًا لوقف الحرب فورًا، رغم أن هذا خيار سيئ، لكن استمرارها أسوأ.