Logo

الاحتلال يحشد عسكرياً على حدود غزة ويماطل في الرد على مقترح الهدنة

الرأي الثالث - وكالات

 يماطل الاحتلال الإسرائيلي في الرد على المقترح الذي قدمه الوسيطان القطري والمصري قبل يومين، والذي قبلته حركة حماس ومعها بقية الفصائل الفلسطينية من أجل الوصول إلى صفقة جزئية لمدة 60 يوماً تفتح الباب أمام اتفاق أشمل. 

وتتزامن المماطلة الإسرائيلية الحالية مع اجتماعات إسرائيلية داخلية تستهدف مناقشة قضية احتلال مدينة غزة وحشد الاحتياط لذلك، حيث استدعى الاحتلال قرابة 80 ألف جندي إسرائيلي للخدمة في مجمل العدد. 

وأعلن جيش الاحتلال أنه "في إطار الاستعداد للمرحلة التالية من العملية تم صباح اليوم إصدار نحو 60,000 أمر استدعاء لجنود الاحتياط. بالإضافة إلى ذلك، سيتم إبلاغ 20,000 من جنود الاحتياط الذين جندوا مسبقًا عن قرار تمديد أوامر خدمتهم الحالية".

وصادق وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس، في وقت سابق على خطة الهجوم التي أعدها الجيش، لاحتلال مدينة غزة، والتي تحمل اسم "عربات جدعون 2"، في إشارة إلى توسيع العمليات العسكرية واستمرار حرب الإبادة على القطاع. 

ووفقاً لوسائل إعلام عبرية فإنه تم البدء في إصدار أوامر استدعاء لجنود في قوات الاحتياط، بما يتماشى مع احتياجات تنفيذ العملية العسكرية، كما تمت الموافقة على "الترتيبات الإنسانية"، المطلوبة لاستيعاب السكان الذين يتوقع الاحتلال أن ينزحوا من مدينة غزة نحو الجنوب مع بدء الهجوم، 

وذلك "بهدف عزل عناصر حركة حماس داخل المدينة تمهيداً للقضاء عليهم"، بموجب الخطة الإسرائيلية.
 
ومن المقرر أن يجتمع المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية "الكابينت" غدا الخميس لتبيان موقفه من الرد الذي سلمته حركة حماس وبقية الفصائل الفلسطينية بشأن الوصول إلى صفقة جزئية خلال الفترة المقبلة بناء على العرض القطري – المصري. 

وبحسب التسريبات الإسرائيلية فإن العملية العسكرية التي تعتبر بمثابة استمرار لعملية "عربات جدعون" تستهدف تدمير البنية التحتية تحت الأرض وفوقها وملاحقة وقتل المزيد من المقاومين الفلسطينيين والسيطرة على بقية القطاع، حيث يسيطر الاحتلال حالياً على ما نسبته 69% وفقاً لآخر التقديرات.

داخلية غزة تحذّر من تقديم أي بيانات شخصية أو صور للمؤسسة الأميركية

في غضون ذلك، حذرت وزارة الداخلية والأمن الوطني في قطاع غزة، المواطنين الفلسطينيين من تقديم أي بيانات شخصية أو معلومات أو صور تطلبها المؤسسة الأميركية (GHF) التي يشرف الاحتلال الإسرائيلي على عملها، ودعتهم لعدم الاستجابة لأي طلبات من هذا القبيل تحت ذريعة تقديم المساعدات الإنسانية للسكان المجوّعين. 

وبدأت المؤسسة الأميركية للإغاثة التي تعمل بتنسيق وترحيب ودعم إسرائيلي علني نظاماً جديداً لتوزيع مساعداتها عبر الطلب من المواطنين صورة شخصية ومعلومات شخصية لإعطائهم بطاقات تعريفية.
 
وقالت داخلية غزة في بيانّ إن ما يسمى بـ "النظام الجديد" الذي أطلقته المؤسسة الأميركية، والذي يتطلب من المواطنين تقديم بيانات وصور شخصية، يراد من خلاله تجاوز المنظومة المعتمدة لتقديم المساعدات من خلال المؤسسات الدولية المعهودة، 

وفي مقدمتها وكالة "أونروا" وشركاؤها، ويهدف لإحلال منظومة أمنية استخبارية بدلاً من تقديم المساعدات بطريقة تحفظ كرامة المواطنين وتحافظ على حياتهم.
 
وأكدّت كذلك "أن هذه المؤسسة سيئة السمعة، والتي رفضت معظم الدول والمؤسسات الأممية التعامل معها لدورها المشبوه، تمارس دوراً أمنياً واستخبارياً تحت غطاء العمل الإنساني وتقديم المساعدات، وتعمل على تجنيد مواطنين للتعاون مع أجهزة الاحتلال الأمنية، 

كما تتماهى مع سياسة الاحتلال في هندسة التجويع من خلال ربط تقديم المساعدات بطرق ومسالك لاإنسانية وتشكل خطراً على حياة أبناء شعبنا، كما يجري عبر مصائد الموت التي راح ضحيتها الآلاف بين شهيد ومصاب على يد قوات الاحتلال وعناصر تلك المؤسسة".

 وناشدت "المجتمع الدولي والمؤسسات الأممية المعنية بممارسة جميع الضغوط لتحجيم المؤسسة الأميركية، وإعادة عمل المؤسسات الأممية للقيام بدورها الإنساني".

ميدانياً، تصاعدت وتيرة القصف الإسرائيلي والعمليات العسكرية في عدة مناطق ومحاور حيث كثف الاحتلال قصف مناطق الصبرة جنوب مدينة غزة، فضلاً عن عمليات النسف التي تتم في المناطق الشرقية والغربية من أحياء الزيتون، 

إضافة إلى القصف اليومي لمدينة خانيونس. ويخشى الفلسطينيون، من أن يعمد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى تفجير الاتفاق الذي قبلته الفصائل الفلسطينية هذه المرة بدون أي تعديلات، وهو ما يعني حتمية تنفيذ العملية العسكرية في مدينة غزة. 

وتترافق المماطلة الإسرائيلية بشأن الرد على المقترح القطري – المصري مع غموض في الموقف الأميركي من الاتفاق، لا سيما الرئيس دونالد ترامب الذي اعتاد سابقاً التصريح بشكل متكرر بشأن ملف غزة.

فرص إقرار الهدنة ما زالت قائمة

في الأثناء، قال الكاتب والمحلل السياسي إياد القرا إن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يحاول المماطلة قبل الرد على العرض المقدم من الوسطاء ليبدو في حال قبوله له وكأنه حقق إنجازاً كبيراً وأن ما جرى نتاج الضغط الإسرائيلي. 

وأضاف القرا أن نتنياهو يريد أن يوصل رسائل للداخل الإسرائيلي بأن الصفقة جاءت نتيجة للتهديد باحتلال مدينة غزة والتهديدات التي أطلقها خلال الفترة الماضية في أعقاب فشل مباحثات الدوحة.

وأشار المحلل السياسي إلى أن نتنياهو وضع نفسه في مأزق حينما تحدث عن الصفقة الشاملة التي يعارضها كل من الوزيرين بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، 

مبيناً أن الاحتمال الأقرب هو قبول نتنياهو للصفقة الجزئية. ووفقاً للقرا فإن الأصل ألا توجد ملاحظات كون الورقة بالأساس ورقة إسرائيلية وهو أمر ليس بالصعب ويتطلب رداً إسرائيلياً مباشراً عليها، 

غير أن نتنياهو يريد أن يضخم هذا الإنجاز وهو أمر قد يدفعه أيضاً للتصعيد الميداني من خلال حشد الاحتياط وتصعيد المشهد بشكل أكبر وأصعب في الميدان ضد القطاع.

ولفت القرا إلى أن الذهاب للعملية العسكرية لا يخدم نتنياهو وهو يدرك هذا الأمر؛ وهو ما سيدفعه لاستغلال هذه الورقة ضمن سياق التهديد من أجل إبقاء الفلسطينيين تحت الضغط خلال الفترة الحالية.

وفي 8 أغسطس/آب الجاري أقرت الحكومة الإسرائيلية والكابنيت خطة طرحها نتنياهو لإعادة احتلال قطاع غزة بالكامل، 

وتبدأ الخطة باحتلال مدينة غزة، عبر تهجير الفلسطينيين البالغ عددهم نحو مليون نسمة إلى الجنوب، ثم تطويق المدينة وتنفيذ عمليات توغل في التجمعات السكنية.

إلى ذلك، رأى الكاتب والمحلل السياسي مصطفى إبراهيم أن أمر الحشود الإسرائيلية العسكرية كان متوقعاً، حتى بالرغم من موافقة حركة حماس والفصائل الفلسطينية على المقترح القطري – المصري المقدم قبل أيام. 

وقال إبراهيم إن ما يجري قد يندرج في إطار المماطلة الإسرائيلية لرفض العرض المقدم، إضافة إلى إمكانية أن ترغب إسرائيل في إدخال المزيد من التعديلات خلال الفترة الحالية على المقترح.

وأضاف الكاتب الفلسطيني أن الاحتلال مستمر في عمليته في ما يتعلق بالقطاع حتى مع استمرار المفاوضات، مع بقاء حالة المماطلة التي سبق أن جرت خصوصاً في مارس/آذار الماضي بعد تعثر استكمال صفقة يناير 2025. 

وأشار إلى أن هذا المقترح يقترب بنسبة 98% من مقترح المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف؛ الذي فشل في الوصول إلى اتفاق بشأنه قبل أسابيع قليلة، مبيناً أن هذا المقترح محاولة لوقف احتلال مدينة غزة وبقية مناطق القطاع. 

وأوضح إبراهيم أن إسرائيل مستمرة في الحرب على غزة في ظل عدم وجود أي ضغط أميركي واستكمال تدمير مدينة غزة ومخيمات الوسط في القطاع، وهو ما قد يدفعه لرفض المقترح كاملاً تحت أي سبب.