Logo

«هدنة غزة»: تحركات مكثفة للوسطاء لتجاوز نقاط الخلاف

 الرأي الثالث - وكالات

تتواصل تحركات الوسطاء بين القاهرة والدوحة لبحث فرص التوصل لاتفاق جديد بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وسط تصريحات إسرائيلية تتّجه نحو توسيع الاستيطان والتهجير لاقت رفضاً عربياً.

ذلك المشهد الذي يتزامن مع تغيُّر بمواقف إسرائيل نحو صفقة شاملة وليس هدنة جزئية، يراه خبراء تحدّثوا بأنه ضمن مساعي حلحلة الخلافات وإنهاء الفجوات، في ظل «مناورات إسرائيلية» أكّدوا أنها تستهلك مزيداً من الوقت لتهدئة الداخل الإسرائيلي.

وفي حين توقّعوا إمكانية نجاح الوسطاء في إحياء المفاوضات فإنهم عدّوا الذهاب لاتفاق بأنه مرهون بما تقدمه إسرائيل و«حماس» من تنازلات وضغوط واشنطن، وتقديمها ضمانات حقيقية لإنهاء الحرب.

وأفادت مصادر مصرية لقناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، الخميس، بـ«استمرار اجتماعات القاهرة بين وفد حركة (حماس) والمسئولين المصريين»،

 مشيرة إلى أن «مصر تُكثف اتصالاتها مع مختلف الأطراف لتجاوز نقاط الخلاف، والتوصّل لاتفاق تهدئة يقود لإنهاء الحرب»، دون تحديدها.

ولفتت إلى أن «وفد حركة (حماس) في القاهرة يُثمّن الجهود المصرية المبذولة لدخول المساعدات إلى قطاع غزة ووقف إطلاق النار».

ووصل وفد من حركة «حماس»، برئاسة خليل الحية، إلى مصر، ضمن جهود مكثفة تبذلها القاهرة للتوصل إلى هدنة مدتها 60 يوماً في قطاع غزة، وفق ما ذكرت المصادر ذاتها لـ«القاهرة الإخبارية»، الثلاثاء، 

وذلك في عودة للمحادثات بعد توقفها أواخر يوليو (تموز) الماضي، عقب انسحاب واشنطن وإسرائيل من المفاوضات التي كانت تحتضنها الدوحة، بهدف التشاور.

وأوضحت المصادر لـ«القاهرة الإخبارية»، الأربعاء، أن «(حماس) أكّدت حرصها على سرعة العودة إلى مفاوضات وقف إطلاق النار والتهدئة تمهيداً لإنهاء الحرب في قطاع غزة»، 

مشيرة إلى أن «مصر تُكثف اتصالاتها مع الأطراف كافة للوصول إلى تهدئة تمهيداً لإنهاء الحرب».

ومع هذا الحراك بالقاهرة، شهدت الدوحة، الخميس، زيارة خاطفة قام بها رئيس الموساد، دافيد برنياع، بهدف إحياء محادثات وقف إطلاق النار بغزة، وفق ما ذكره مسؤولان إسرائيليان لـ«رويترز».
 
ونقلت قناة «الجزيرة القطرية» -عن مصادر لم تسمها- أن رئيس الموساد عقد لقاءً مع رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثان، وغادر الدوحة، 

فيما كشفت القناتان «12» و«13» الإسرائيليتان أن برنياع لم يناقش مع الوسيط القطري ملف الرهائن؛ بل أكّد التخلي عن الصفقة الجزئية، وبحث معه جهود التوصل لصفقة شاملة، 

مؤكداً أنه «على الوسطاء إبلاغ (حماس) أن احتلال غزة الذي أقرّته إسرائيل قبل أسبوع أمر جديّ، وليس حرباً نفسية».

الخبير المختص في الأمن الإقليمي والدولي، اللواء أحمد الشحات، يرى أن الدولة المصرية حريصة من خلال محادثات القاهرة على إحياء التفاوض وإنهاء ذرائع إسرائيل، 

غير مستبعد أن تكون زيارة رئيس الموساد لقطر تحمل جدية للوقوف على ما سيتم في هذا المسار من إنهاء للحرب.

وتوقّع أن تذهب اجتماعات القاهرة مع «حماس» والفصائل إلى بلورة موقف فلسطيني موحد يعتمد على خروج الحركة من المشهد وتجميد السلاح والوصول إلى تصور حقيقي، سواء كان جزئياً أو شاملاً، وإنهاء أي خلاف محتمل بالمفاوضات.

غير أن المُحلل السياسي الفلسطيني، نزار نزال، يرى أن هناك كثيراً من الفجوات، منها تسليم سلاح «حماس» والانسحاب الإسرائيلي، وغياب الضمانات، 

وهناك رغبة إسرائيلية بألا تتجه إلى صفقة شاملة أو حتى جزئية، وعدم التفاعل مع الجهود المصرية الجادة لإنهاء الحرب.

ويعتقد نزال أن ما يحدث من زيارة خاطفة للدوحة أو تصريحات في هذا الصدد، يعد تهدئة للداخل الإسرائيلي، وكسب مزيد من الوقت للاستعداد العسكري لخطة احتلال غزة وتهجير الفلسطينيين، 

مضيفاً: «لو كانت إسرائيل تريد اتفاقاً بشكل حقيقي لذهبت إلى صفقة الدوحة التي كانت ناضجة، لكنها انسحبت منها».
 
وتزامنت تلك التطورات مع تصعيد إسرائيلي مكثف على قطاع غزة، الخميس، وحديث وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، أن العمل سيبدأ في مشروع استيطاني مؤجل منذ فترة طويلة سيُقسم الضفة الغربية ويفصلها عن القدس الشرقية،

 في خطوة وصفها مكتبه بأنها ستقضي على فكرة إقامة دولة فلسطينية، حسبما نقلته «رويترز» الخميس.

وندّد الوسيطان، المصري والقطري، بهذه التصريحات، مؤكدين في بيانين لوزارتي الخارجية بالبلدين أنها تعد انتهاكاً سافراً وتهديداً للاستقرار في المنطقة، 

وذلك غداة رفض عربي واسع لتصريحات رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، الثلاثاء، بشأن رغبته في رؤية «إسرائيل الكبرى»، التي تضم في المزاعم العبرية فلسطين وأجزاء من مصر والأردن وسوريا.

ويتوقع الشحات أن تواصل إسرائيل وضع العراقيل والعقبات بمواقف أو تصريحات، مستدركاً: «لكن يعوّل على وضع تصور حقيقي وجاد في القاهرة ينهي ذرائع وهواجس إسرائيل والولايات المتحدة، خصوصاً لما سيتم في اليوم التالي للحرب، مع ضمانات وضغوط أميركية على إسرائيل لتنفيذ أي مسار يتم التوصل إليه».

فيما يعتقد نزال أن التصريحات الإسرائيلية والتصعيد العسكري يؤكدان أننا إزاء مخططات يمينية تريد استسلام «حماس»، وتهجير الفلسطينيين، وتوسيع الاستيطان في الضفة، وقتل «حل الدولتين»، وهندسة الشرق الأوسط بأوهام «إسرائيل الكبرى»، 

مشيراً إلى أن هذا المشهد لا يوحي بالتوصل إلى هدنة إطلاقاً؛ إلا إذا تراجعت إسرائيل، وهذا غير مضمون.