Logo

لبنان أمام مرحلة جديدة: حزب الله وحركة أمل يدرسان خطواتهما

الرأي الثالث - وكالات

يدخل لبنان مرحلة جديدة على ضوء المقرّرات التي تتخذها الحكومة في ما خصّ ملفي السلاح والورقة الأميركية، وما أحدثته من انقسام سياسي وشعبي في البلد، يفتح الباب أمام الكثير من التساؤلات حول السيناريوهات المقبلة، ولا سيما ربطاً بالخيارات التي سيسلكها حزب الله.

ورفع مجلس الوزراء اللبناني في جلستي الثلاثاء والخميس، الغطاء "الشرعي" عن سلاح حزب الله، الذي وضعته العهود والحكومات المتعاقبة على مرّ العقود، وكرسته في معادلة "الجيش والشعب والمقاومة"، وأقرّ بشكل مباشر الإنهاء التدريجي للوجود المسلح لجميع الجهات غير الحكومية "بما فيها حزب الله"، 

الأمر الذي أثار ردود فعل، أولاً على مستوى انسحاب وزراء حزب الله وحركة أمل من الجلسة، 

وثانياً، برفع حدّة تصريحات الثنائي وحلفائه بوجه حكومة الرئيس نواف سلام،

 وثالثاً، بتحركات احتجاجية لمناصريهم جابت مناطق عدة في بيروت والبقاع والجنوب، اعتراضاً على المقرّرات، ورفضاً لها.

في المقابل، نالت مقررات الحكومة تأييداً كبيراً داخلياً في الشارع اللبناني وعلى مستوى الأحزاب المعارضة لحزب الله، مع تنويه بخطواتها التاريخية التي ستؤسس لبناء الدولة التي يطمح إليها اللبنانيون، 

إلى جانب الترحيبات الخارجية الواسعة، أميركياً وفرنسياً وعربياً، باستثناء الموقف الإيراني، المؤيد لخطوات حزب الله.

مصادر حزب الله: ندرس كل الخطوات وتحرك الشارع عفوي

ووسط هذه المشهدية، يبقى السؤال الأول الذي يتصدّر العناوين، مرتبطاً بالخطوات التي سيقدم عليها حزب الله ومعه حليفه حركة أمل، في ظلّ اعتراضهما على مقررات الحكومة، ومع استمرار التصعيد الإسرائيلي لعملياته العسكرية، 

بحيث تشير مصادر مقربة من الحزب ، إلى أن "الحزب وحركة أمل يدرسان كل الخطوات الممكن اتخاذها، والتي يجب أن تصبّ في إطار المصلحة الوطنية، فلا نية لا لأخذ البلد إلى الصراع، ولا إلى الانفجار، 

رغم أن بعض أدوات الخارج في الداخل اللبناني تريد هذا السيناريو، وتسعى له".

وتلفت المصادر إلى أن "اعتراض حزب الله وحركة أمل ليس على مبدأ حصرية السلاح، بل على التوقيت، وطريقة تنفيذ ورقة إملاءات أميركية تصب كاملة في المصلحة الإسرائيلية، 

إلى جانب الانقلاب الذي حصل ربطاً بقسم الرئيس جوزاف عون والبيان الوزاري لحكومة نواف سلام"، مشددة على أن "الدولة يجب أن تنظر إلى ما يحصل من اعتداءات إسرائيلية منها اليوم أيضاً، وتضغط باتجاه وقفها كأولوية".
 
وتشير المصادر إلى أن "لا نية حالياً لوزراء الثنائي للاستقالة من الحكومة، أن والانسحاب من الجلسة الذي حصل أمس الخميس، يندرج في إطار التعبير عن موقف رافض للقرارات التي اتُخذت بسرعة وبلا نقاش كافٍ، 

أما الشارع فهو تحرّك غضباً واعتراضاً لما يحصل، وبشكل عفوي، وغير منظم، فهناك بيئة واسعة ترى أنها تتعرّض لكل محاولات الإقصاء والضرب، ومع ذلك يعمل حزب الله وحركة أمل على ضبط الشارع".
 
وتلفت المصادر إلى أن "الحكومة هي التي تضع الناس في مواجهة بعضها، وليس حزب الله وحليفه حركة أمل، فما تفعله يمسّ بالسيادة الوطنية، 

ونرى كيف أن الاعتداءات الإسرائيلية مستمرة، لا بل تتصاعد، ولا تتخذ موقفاً بشأنها، أو تسعى للمطالبة أولاً بوقفها قبل بحث أي موضوع آخر".

نائب عن حركة أمل: التعاطي سيكون خطوة بخطوة

من جهته، يقول عضو كتلة حركة أمل "التنمية والتحرير"، النائب قاسم هاشم ، "كان من الممكن تأجيل الجلسة لمزيد من التشاور والدرس، خاصة وأن الورقة هي ورقة وكأنها أُسقِطت على مجلس الوزراء وعلى اللبنانيين، وسُمّيت بالورقة الأميركية بدل أن تكون لبنانية"، 

متسائلاً: "هل تأكد الجميع من أنها تخدم المصلحة اللبنانية؟ إذ لم يتبين ذلك، ففي كثير من جوانبها ليست إلا إملاءات لا تقع في إطار مصلحة لبنان تحت أي ذريعة أو مسمّى من المسمّيات، لذلك كان من الممكن تأجيل الجلسة لتفادي الانقسام الداخلي،

 وفي الوقت الذي يحتاج فيه لبنان لمواجهة مثل هذا الملف الدقيق، إلى التوافق والتفاهم ووحدة الموقف".

ويلفت هاشم إلى أن "اعتراضنا واضح، والسؤال يبقى هل إن الظروف تسمح بالاستمرار في هذا التوجه، والكلّ معني بالإجابة لأن في المبدأ الكلّ متفاهم على أنه لا بد في نهاية الأمر أن نصل إلى تطبيق حصرية السلاح بيد الدولة، وهذا ما جاء في البيان الوزاري والقسم،

 لكن المسألة في التوقيت، هل التوقيت يسمح ويخدم المصلحة؟ وهل الظروف مؤاتية في هذه المرحلة الدقيقة التي يمرّ بها لبنان والمنطقة، والتي تتخابط فيها النظريات والأخبار حول ما ستؤول إليه أوضاع المنطقة ورسم خرائط جديدة للمنطقة بشكل عام وسياسات تخرج عن المألوف؟". ويضيف: "هناك أسئلة كثيرة تحتاج إلى إجابات كان يفترض التعاطي معها بحكمة وعقلانية قبل الإقدام على هذه الخطوة بشكل متسرّع وفي غير توقيتها".

وحول الخطوات التي قد يسلكها الثنائي حركة أمل وحزب الله، يقول هاشم "لا بدّ من الابتعاد عن أي سجال، والعودة إلى إمكانية تصويب وتصحيح ما حدث، والتفتيش عن كلّ ما يعيد التضامن لما كان عليه بين اللبنانيين في هذه المرحلة،

 أما التعاطي فسيكون خطوة بخطوتها وكل مرحلة بمرحلتها". ويلفت أيضاً إلى أن "التحركات أمس كانت عفوية ولم تكن مدفوعة، ولا يمكن أخذ الأمور إلى هذا الاتجاه، لكن هناك حالة من الغضب يتم التعاطي معها بروية، وموضوع الشارع غير مطروح، 

علماً أن البعض يريد أن يستثمر عليه".

ويشير إلى أن "ما حصل في الجلستين الماضيتين يظهر كأن هناك دفعاً من الخارج، وهذا ما تبين من خلال إشارات أوحى بها بعض من في داخل الحكومة، لأنه قيل إننا لا نستطيع التأخير وهناك ضغوطات وما إلى ذلك، 

من هنا نطرح سؤال، هل تتحكم الضغوط الخارجية بمسارنا أم أن مصلحتنا والحفاظ على وحدتنا هي التي نستطيع من خلالها أن نواجه كل التحديات والضغوطات من أي جهة أتت؟".
 
ويتوقف هاشم عند استمرار الاعتداءات الإسرائيلية رغم المقررات الحكومية، بالقول "مهما اتخذ لبنان من مقررات ومهما كان خاضعاً لهذه الضغوطات ومنصاع فبالنهاية ما يريد أن يفعله العدو سيفعله وهو حرّ في تحرّكه، وهذا ما على لبنان واللبنانيين أن يتنبهوا اليه"،

 مشيراً إلى أن الحكومة تستمر في دراسة ورقة خارجية وليست وطنية، في وقت يسقط فيه عدد من الشهداء يومياً، 

بينما كان يفترض التوقف عند البحث قبل الوصول إلى ضمانات بوقف العدوان، وهذا ما يعيدنا إلى ترداد أن الأولوية كان يجب أن تكون في الضغط لإجبار العدو على وقف عدوانه، وتنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية.
 
في الإطار، يرى الكاتب السياسي جورج علم ، أن كل ما يجري هو تحضير للمعركة الدبلوماسية التي بدأت في مجلس الأمن الدولي للتجديد لقوة الأمم المتحدة المؤقتة (يونيفيل) نهاية شهر أغسطس/ آب الحالي، 

ومن الشروط المطلوبة أن يكون هناك دولة في لبنان لا دويلة، ووطن وليس ساحة لصراع أميركي إيراني غربي، 

معتبراً أن "ما يحصل في مجلس الوزراء هو رسائل للمجتمع الدولي، خصوصاً الغربي-الأميركي-الأوروبي على أن هناك دولة تريد الإمساك بزمام الأمور، وأهمها قرار الحرب والسلم، ونشر السيادة على كامل الأراضي اللبنانية".

ويعتبر علم أن "المعركة محتدمة دون أدنى شك، لكن باعتقادي أن ما يجري في جلسات مجلس الوزراء هو تقديم مطالعة لبنانية إلى الولايات المتحدة الأميركية والدول الخمس الكبرى الدائمة العضوية في مجلس الأمن، بأن هناك إصراراً على قيام الدولة،

 وبالتالي على المجتمع الدولي ومجلس الأمن أن يجدد لقوات اليونيفيل من دون أي شروط مرهقة للحكومة لمساعدتها على بسط السيادة".

أما على المستوى الداخلي، فيرى علم أن هناك مزايدات وشعبويات ربما لكي يتمسّك كل طرف بشعبيته، خصوصاً أننا على أبواب انتخابات نيابية في شهر مايو/أيار من العام المقبل. 

ويشير علم إلى أن "الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم قال إنه حريص على الوحدة الوطنية والنسيج اللبناني وقيام الدولة.. بينما نرى النقيض في الشارع، فهذه المظاهر توحي بأن هناك تصعيداً لدفع البلد ربما نحو حرب أهلية أو اقتتال داخلي، 

علماً أن هذا المسار، إذا كان هناك من يفكر به، فهو سيكون الخاسر الأكبر، لأن أي حرب أهلية ستؤدي إلى تفكيك البلد، والقضاء على الدولة، وجعل المربعات الطائفية والمذهبية التي سوف يبنى عليها لبنان تحت رحمة القوى الإقليمية والدولية، 

وهذا ليس من مصلحة حزب الله ولا أي طرف في لبنان".
 
ويردف الكاتب السياسي "أرى أن هذا الاستشعار هو استنهاض للحالة الشعبية لدى حزب الله كي يظهر بمظهر القوة ربما ليحقق مكاسب سياسية من النظام اللبناني، ويحسّن شروطه في الداخل، 

أما القول إن سلاحه لمواجهة إسرائيل، فبطبيعة الحال هذه المواجهات هي التي أوصلت لبنان لما هو عليه، وهو يدرك أنه لو كان قادراً على تحقيق انتصار على إسرائيل لما كان قبِل باتفاق وقف إطلاق النار، وفوّض رئيس البرلمان نبيه بري بالتوصل اليه"، 

معتبراً أن الخيارات أمام حزب الله أصبحت ضيقة جداً، وكل الحقائق باتت مكشوفة.

مشرّع أميركي: نتحدث عن ولادة لبنان الجديدة

على صعيد متصل، عقد رئيس الوزراء نواف سلام، اليوم الجمعة، لقاءً مع عضو الكونغرس الأميركي داريل عيسى عرض خلاله التطورات الراهنة، إضافة إلى العلاقات اللبنانية الأميركية. 

وقال عيسى بعد اللقاء: "هذا يوم جديد للبنان، وقد سُجل العديد من التقدم في الأيام الماضية، ونحن نتحدث عن ولادة جديدة للبنان وعن الإعمار وإعادة الإعمار، أكان في الجنوب أم في كل لبنان".

وعن رأيه بما قاله حزب الله عن أنه لن يسلّم سلاحه، قال عيسى "مجلس الوزراء اللبناني اتخذ قراراً بهذا الشأن، وهذا هو القرار الذي صادقت عليه الحكومة، وقرار الحكومة يستند إلى اتفاق عقد عام 1989 وينصّ على تسليم كل المليشيات سلاحها، 

وهذا ما تحاول القوات المسلحة اللبنانية القيام به (...) وأتوقع أن يكون التسليم طوعياً، ولكن هذا قرار اتخذته الحكومة اللبنانية، وأعتقد أن الحكومة موحّدة حول الحاجة إلى تطبيقه، ونعتقد أن الجيش اللبناني سيقوم بما هو مطلوب منه في نهاية أغسطس/آب".

وفي سياق آخر، ورداً على سؤال حول تعليقه على قرار إسرائيل السيطرة على غزة، أجاب عيسى "لم نتحدث عن أي موضوع خارج الإطار اللبناني. وما يميز الأوضاع لدى الفلسطينيين عن الأوضاع في لبنان، هو أن للبنان حكومة فعّالة وقادرة أن تحكم وأن تؤمن سلامة المواطنين اللبنانيين والأمن بالنسبة لإسرائيل"، 

وتابع "أنا سأغادر إلى مصر لإجراء محادثات تتعلق بغزة وخصوصاً للمساعدة الإنسانية".