Logo

احتجاجات حضرموت تغلق محلات الصرافة وتشّل الحركة التجارية

الرأي الثالث 

تشهد حضرموت، أكبر وأهم المحافظات اليمنية الغنية بالثروات والموارد، منذ أيام، احتجاجات غاضبة متصاعدة إثر تفاقم أزمة الكهرباء وانقطاعها لمعظم فترات اليوم وتدهور الأوضاع المعيشية والخدمات العامة. 

وتتركز الاحتجاجات في شوارع مدينة المكلا، عاصمة المحافظة، ومناطق مثل الشحر وغيرها، حيث قطع المحتجون طرقا رئيسية وفرعية باستخدام الإطارات المشتعلة والحجارة، 

الأمر الذي أدى إلى تعطيل مختلف الأنشطة والأعمال وشل حركة السير، مع وصول الأمر إلى اقتحام محلات الصرافة وإغلاقها، وتهديد منشآت أخرى بالاقتحام والإغلاق.

وتصاعدت هذه الاحتجاجات في مدن المحافظة الواقعة جنوب شرقي اليمن، بعد تحذيرات أطلقتها مؤسسة الكهرباء في ساحل حضرموت من توقف شامل ووشيك لمحطات التوليد نتيجة نفاد الوقود بسبب نقص الإمدادات. 

وأدى ذلك إلى انقطاع الكهرباء وحلول الظلام لمعظم فترات اليوم في مناطق ساحل حضرموت المقسمة على المستوى الجغرافي بين مناطق ساحلية ومناطق الوادي.
 
وبرر مواطنون وناشطون وأكاديميون، هذه الاحتجاجات التي قالوا إنها تأتي على خلفية تدهور خدمة الكهرباء، 

إضافة إلى تفاقم الأزمات المعيشية والخدمية في المحافظة التي تشهد تجاذبات وصراعات بين عدة أطراف منذ أكثر من عامين، مع تصاعدها بشكل كبير منذ مطلع العام 2025.

أستاذ الاقتصاد بجامعة حضرموت محمد الكسادي يقول في هذا الخصوص ، إن الاحتجاجات تأتي بعد فترة من الاحتقان الشعبي في ظل تحكم قوى نافذة بطرق مرور الشاحنات المحمّلة بالمحروقات لتغذية وتشغيل محطات توليد الكهرباء، 

إضافة إلى الغلاء الذي يعتبر إشكالية أخرى، وتراجع مستوى مختلف الخدمات وليس فقط الكهرباء وتدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية. بخصوص اقتحام محلات ومنشآت الصرافة وإغلاقها، 

يوضح الكسادي أن محلات ومنشآت الصرافة هي المتلاعب بالأسعار دون ضبط أو رادع من قبل الجهات المختصة، لكن الاحتجاجات تجنبت المخابز والمحلات والأنشطة الاقتصادية الأخرى. 

من جهته، يؤكد الكاتب الصحافي المتابع للشأن المحلي في حضرموت ناصر بامندود، أن ما يجري في حضرموت عصيان مدني، حيث إن 90% من المحال التجارية مغلقة، إلى جانب إغلاق وشلل في حركة المواصلات، 

مشيراً إلى أنها احتجاجات مبررة، غير أنها تخللتها أحداث عنف. وتعيش حضرموت على وقع غليان متواصل في ظل تنافس قوى نافذة، 

حيث يشكو سكانها من عدم الاستفادة من مواردها وثرواتها باعتبارها من أهم وأكثر المناطق اليمنية المنتجة للنفط والمعادن، إضافة إلى كونها من أكثر المناطق الزراعية في اليمن.
 
في السياق، يتحدث خالد الجابري، أستاذ الإدارة المالية في جامعة حضرموت، قائلا: "يعاني سكان محافظة حضرموت من تدهور في الأوضاع الاقتصادية، مثلهم مثل بقية أبناء الوطن،

 ويطالبون بتحسين استخدام الموارد المحلية وتوزيع العائدات بشكل عادل، خاصةً مع وجود موارد طبيعية في المنطقة، 

كما يطالب أبناء المحافظة بتحسين الخدمات الأساسية، مثل الكهرباء والمياه والصحة والتعليم"، فكل ذلك من وجهة نظر الجابري "مطالب مشروعة".

وتسعى مبادرات مجتمعية لاحتواء المشكلة وتهدئة غضب الشارع المتصاعد منذ أيام، وبذل جهود حثيثة يتوقع نجاحها في احتواء الأزمة الأهم التي فجرت الأحداث والاحتجاجات الراهنة والمتمثلة بأزمة الكهرباء. 

يؤكد الكسادي أن أزمة انقطاع المياه لا تقل عن مشكلة الكهرباء، حيث لا تصل الكهرباء لمناطقهم، بحسب حديثه ، سوى مرة أو مرتين فقط في الشهر، وأحياناً لا تصل، 

ما يضطر السكان إلى شراء المياه من الصهاريج المحمّلة على الشاحنات والتي يصل سعرها إلى نحو 17 ألف ريال.
 
وفي الوقت الذي يطالب فيه السكان بتحسين الوضع الاقتصادي والمعيشي وتوفير فرص العمل لشباب المحافظة، أثرت المكونات السياسية والعسكرية التي تكاثر تشكيلها خلال الفترة الماضية على الأوضاع بشكل عام في المحافظة،

 وغطت على عملية التركيز على الأوضاع والقضايا الاقتصادية والمعيشية والخدمية.

هذا الأمر أدى، وفق الكسادي، إلى تركز جزء من الصراع بين هذه المكونات على الموارد العامة المحلية، إضافة إلى صراع النفوذ في ما بينها، والضحية في نهاية الأمر هو المواطن، حيث يبدد ذلك الموارد العامة.

ويشكو سكان المحافظة، خاصة سكان المناطق الساحلية مثل المكلا عاصمة حضرموت، من تفاقم وضعية الكهرباء وتردي هذه الخدمة بشكل كبير طوال الشهرين الماضيين، 

حيث تناقصت ساعات الإضاءة إلى أقل من ست ساعات، مع وصول التدهور إلى الانقطاع التام منذ مطلع الأسبوع وغرق المدن والمناطق بالظلام.

ويشير بامندود إلى أن التراكمات التي سبقت هذه الاحتجاجات كانت كبيرة من حيث تفاقم الأزمات المعيشية وتدهور سعر صرف العملة المحلية، وهو ما أدى إلى ارتفاع في أسعار السلع الغذائية والاستهلاكية، 

لافتاً إلى أن أزمة انقطاع التيار الكهربائي فجرت هذه التراكمات وأدت إلى هذه الاحتجاجات المتصاعدة والتي وصلت، وفق حديث بامندود، إلى مستوى العصيان المدني.