إدخال مساعدات إلى غزة وحماس تدعو إلى استمرار الضغط
الرأي الثالث - وكالات
أصبحت غزة ومجاعتها وإبادتها عارا على الإنسانية، فكلما تزايدت صور الأطفال الجياع التي برزت عظامهم وتقعرت وجوهم بعد أكثر من 140 يوما من التجويع أو الإبادة ومنع المواد الأساسية لنجاتهم في مراحل طفولتهم الأولى،
تزداد صيحات التباهي من الجانب الإسرائيلي وعتاة المتطرفين، أفلام فيديو مولدة بالذكاء الاصطناعي عن غزة بدون الفلسطينيين وأحلامم بتناول الحمص على شواطئ البحر الأبيض المتوسط، ومؤتمر ريفييرا غزة برئاسة وزير المالية، ونص وزير دفاع بتسلئيل سمورتيش، وتصريحات وزير التراث عن غزة المدمرة والفلسطينيين النازيين،
إلى جانب مزاح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مقابلة مع بودكاست أمريكي عن ساندويشته المفضلة «ووبرز» من سلسلة مطاعم بيرغر كينغ وليس سلسلة ماكدوندلدز، كما اعتقد مقدما بودكاست «نيلك بويز».
ولإكمال صورة الإبادة سوريالية التصريحات الصادرة من السفير الأمريكي الإنجيلي في إسرائيل، مايك هاكابي، الذي يسارع بوصف أي تحرك لدعم فلسطين والفلسطينيين بأنه «مقزز»،
وما صدر عن دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي من تصريحات حول إعلان الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون بشأن اعترافه بالدولة الفلسطينية بأن ما يقوله غير مهم.
ودخلت إلى قطاع غزة في الساعات الأخيرة، عدة شاحنات مساعدات إنسانية من منطقة زيكيم شمال غربي القطاع وكرم أبو سالم جنوباً، بالتزامن مع إنزال طائرات بالتنسيق مع الاحتلال الإسرائيلي لمساعدات من الجو على المناطق الشمالية الغربية.
ورغم الحاجة الماسة للمساعدات، إلا أنّ الكميات التي دخلت القطاع لا تلبي احتياجات جميع السكان المجوعين بعد 4 أشهر من الحصار المشدد. ويضاف إلى ذلك أزمة سرقة المساعدات من قبل لصوص ومواطنين عاديين ما يحرم وصولها إلى مستحقيها جميعاً.
وقالت مصادر إنّ سلطات الاحتلال وافقت على طلبات لمؤسسات عربية ودولية لإدخال مساعدات عبر مصر والأردن شرط تسليمها لجهات دولية في غزة، بعيداً عن أيدي الجهات المسؤولة في حكومة غزة.
وذكرت المصادر أنّ الأردن ومصر بدآ إدخال المساعدات منذ يومين، وزادت في الساعات الأخيرة كمية المساعدات التي دخلت وستدخل تباعاً بموافقة من الاحتلال وبتنسيق معه،
فيما ينتظر أن تتوسع هذه الشاحنات في الأيام المقبلة بدعم من قطر وتركيا والإمارات وجمعيات فلسطينية ومؤسسات دولية تعمل في المنطقة العربية.
وأعلن وزير خارجية الإمارات، الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، أن بلاده ستستأنف فوراً عمليات إسقاط المساعدات جوّاً لسكان قطاع غزة، مع استفحال المجاعة مؤخراً داخل القطاع جراء الحصار الإسرائيلي.
وقال الشيخ عبد الله بن زايد في منشور على حسابه بمنصة "إكس" السبت: "لقد بلغت الأوضاع الإنسانية في غزة مرحلة حرجة وغير مسبوقة".
وأشار إلى أن الإمارات تواصل "تصدُّر الجهود الدولية الرامية إلى إيصال المساعدات المنقذة للحياة إلى الشعب الفلسطيني الشقيق".
وتابع: "سنواصل إيصال الدعم الإغاثي إلى من هم في أمسّ الحاجة، برّاً وجوّاً وبحراً"، مضيفاً: "سنستأنف عمليات الإسقاط الجوي على الفور".
وشدّد بن زايد على أن التزام الإمارات بالتخفيف من المعاناة وتقديم الدعم يبقى "راسخاً لا يتزعزع".
و الجمعة، أعلنت إذاعة الجيش الإسرائيلي، نقلاً عن مسؤول عسكري، أن تل أبيب ستسمح "ابتداءً من يوم الجمعة"، بإسقاط المساعدات الإنسانية جوّاً إلى قطاع غزة.
وبحسب وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، يُجبر سكان غزة على المجاعة، رغم تكدّس آلاف الشاحنات المحمّلة بالغذاء والدواء عند المعابر، مطالِبةً برفع الحصار والسماح بإدخال المساعدات بشكل فوري وعلى نطاق واسع.
ومنذ نحو 21 شهراً، يستخدم الاحتلال الإسرائيلي سلاح الاقتصاد والتجويع في حربه ضد قطاع غزة، الذي يعيش فيه أكثر من مليوني إنسان، معظمهم أطفال ونساء، رغم أن التجويع جريمة حرب تُحرّمها الاتفاقات الدولية.
بدورها، قالت حركة حماس في بيان إنّ وصول الغذاء والدواء وتدفق المساعدات الإنسانية إلى الشعب الفلسطيني في قطاع غزة بشكل عاجل "حق طبيعي، لوقف الكارثة الإنسانية التي فرضها الاحتلال النازي".
وأضافت أنّ "لجوء الاحتلال المجرم إلى إنزال بعض من المساعدات جواً، فوق مناطق من قطاع غزة، ليس إلّا خطوة شكلية ومخادعة لذرّ الرماد في العيون،
تهدف إلى تبييض صورته أمام العالم، ومحاولة للالتفاف على حقوق الشعب الفلسطيني برفع الحصار، ومطالبات المجتمع الدولي والشعوب الحرة بوقف سياسة التجويع التي تديرها حكومة مجرم الحرب (بنيامين) نتنياهو الإرهابية".
وأشارت كذلك إلى أنّ "خطة الاحتلال لعمليات الإنزال الجوي، والتحكم بما يُسمّى بالممرات الإنسانية، تمثّل سياسة مكشوفة لإدارة التجويع، لا لإنهائه، ولتثبيت وقائع ميدانية قسرية تحت نيران القصف والجوع، وهي تُعرّض حياة المدنيين للخطر، وتهين كرامتهم، بدل أن توفّر لهم الحماية والإغاثة الشاملة".
وشددت على أنّ "الطريق الوحيد لإنهاء جريمة التجويع الوحشية في قطاع غزة، وقف العدوان وكسر الحصار الإجرامي المفروض عليه، وفتح المعابر البرية بشكل كامل ودائم أمام المساعدات الإنسانية، وضمان تدفقها وإيصالها إلى المواطنين، وفق الآليات المعتمدة لدى الأمم المتحدة".
ولفتت إلى أنّ "خطوات حكومة مجرم الحرب نتنياهو لفرض واقعٍ وآلياتٍ لا إنسانية للتحكم بالمساعدات وإدارة التجويع، التي تسببت بارتقاء أكثر من ألفٍ وجرح نحو 6 آلافٍ من المدنيين، تمثّل جرائم حرب موصوفة"،
مشددة على أهمية استمرار الضغوط الدولية الرسمية والشعبية لكسر الحصار ووقف جريمة التجويع والإبادة الوحشية، وعدم الانسياق وراء الدعاية المضللة لحكومة الاحتلال.