Logo

هل الحوثيون مستعدون لهجمة إسرائيلية كبيرة؟

الرأي الثالث 

تحدثت وسائل إعلام عبرية، في الأيام الأخيرة، عن عملية هجومية واسعة تُعد لها وزارة الدفاع الإسرائيلية تستهدف مناطق سيطرة الحوثيين في اليمن؛ 

مؤكدة أن الجيش الإسرائيلي يُعد لخطة واسعة النطاق في اليمن ضد الحوثيين على غرار ما حصل لإيران في الأيام الأولى، وسيقوم بتنفيذها عقب اتخاذ القرار السياسي بذلك.

وكان وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، قد قال «إن غزة واليمن هما الساحتان الرئيسيتان المتبقيتان، ونستعد حالياً لتنفيذ هجوم كبير ضد الحوثيين». 

ووفقًا لوسائل إعلام عبرية، فتستهدف إسرائيل من وراء عمليتها الهجومية الواسعة أن تضع حدًا للهجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة القادمة من مناطق الحوثيين في اليمن «تضامنًا مع غزة».

استطاع الحوثيون أن يمتصوا الموجة الثانية من الهجمة الأمريكية الواسعة، التي استهدفتهم منذ منتصف آذار/مارس حتى إعلان الاتفاق بين الحوثيين وواشنطن في السادس من أيار/مايو؛ 

وهو اتفاق يقضي بوقف الهجمات الحوثية على السفن الحربية والتجارية الأمريكية في البحر الأحمر؛ وهي نتيجة تُحسب لصالح الحوثيين بالنظر للأهداف التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عند بدء عملية «الفارس الخشن».

وحسب التصريحات الإسرائيلية؛ فإن تل أبيب تعتزم أن تُلحق بالحوثيين نفس ما ألحقته في إيران؛ وخاصة ما تحقق في بداية الحرب الإسرائيلية على طهران، 

وهو أمر، وفق مراقبين، لا يمكن تحققه في اليمن، انطلاقًا من أن الحضور الاستخباراتي الإسرائيلي في اليمن ليس بما كان عليه في إيران؛ كما أن معرفة إسرائيل وخبرتها عن اليمن ما زالت حديثة؛ 

فاليمن الذي يُبعد عن إسرائيل نحو 1800 كيلومتر لم يكن يشكل في الحسابات الإسرائيلية مصدر تهديد؛ 

وبالتالي فالمعلومات عن اليمن ليست بالقدر الذي كانت متوفرة لديها عن إيران؛ مما قد يجعل من الصعوبة أن تحقق إسرائيل في اليمن ما حققته في إيران، وخاصة في الساعات الأولى؛ وإن كانت الحروب تُخفي في جعبتها أكثر مما تعلنه التحليلات الاستباقية.

إن مما لا شك فيه أن الحوثيين يستعدون لمعركة برية كبيرة من خلال حملة تعبئة متواصلة في مناطق سيطرتهم مستمرة منذ أكثر من عام؛ 

ووفق زعيم الحركة، عبد الملك الحوثي، في خطابه الخميس الماضي؛ فإن عدد من تم تدريبهم في هذه الحملة، وصل إلى مليون وسبعة آلاف متدرب.

فيما يتعلق بالهجمات الجوية؛ فالحوثيون يمتلكون مزايا تعزز من قدراتهم في امتصاص الهجمات الجوية؛ وتتمثل أبرز هذه المزايا، وفق مراقبين، في عدم وجود قواعد عسكرية استراتيجية لهم ثابتة في أماكن محددة أو معروفة؛

 ولو كانت كذلك لكانت الغارات الأمريكية المكثفة قد استهدفتها، وحققت من خلالها نصرًا وتفوقًا على الحوثيين. 

الميزة الثانية اعتمادهم على الطبيعة الجغرافية لليمن، وتوظيفها لصالحهم. علاوة على ذلك قبضتهم الأمنية، التي تعزز من تفوقهم الاستخباراتي؛ وتضييق دائرة الجواسيس.

سيكون بإمكان إسرائيل أن تعوض كل ذلك من خلال استهداف منشآت البُنى التحتية والأحياء السكنية والمؤسسات الحكومية وتوسيع دائرة الأهداف المدنية انطلاقًا من رؤية إسرائيلية تعتقد من خلالها؛ 

كما هي العادة في حروبها، أنها بذلك سترفع من مستوى الغضب الشعبي ضد الحركة؛ وهنا ستكون الخسائر البشرية فادحة؛ أما على صعيد المنشآت الحكومية، بما فيها منشآت البُنى التحتية، 

فقد سبق واستهدفت إسرائيل العديد منها في الحُديدة وصنعاء؛ وألحقت بالبلد خسائر مادية كبيرة.

وقبل هذا وذاك، من غير المعقول أن يكون الحوثيون لا يعلمون أن ثمة خطة هجومية إسرائيلية واسعة النطاق ستستهدفهم؛ 

وبالتالي فهم قد يكونون أعدوا حساباتهم؛ لكن قد تكون الهجمة أكبر من المتوقع، وقد تشترك فيها الولايات المتحدة، وقد تظهر مستجدات تزيد من تعقيد القراءة الاستباقية.

يقول مساعد مدير دائرة التوجيه المعنوي بوزارة الدفاع في حكومة حركة الحوثي ، العميد عابد الثور : «إن تصريحات وزير دفاع العدو الإسرائيلي كانت متوقعة، 

لكن القوات المسلحة اليمنية (التابعة للحركة) على أهبة الاستعداد لمواجهة أي عملية هجومية».

واعتبر أن «الهجمة الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت ميناء الحُديدة، واُستخدم فيها الطيران المسيّر؛ دليلًا على أن العدو الإسرائيلي يُدرك أن القوات اليمنيّة تملك قوة دفاعية تستطيع من خلالها التعامل مع أحدث الطائرات، بما فيها طائرات إف-35».

وأضاف: «على صعيد المعركة البرية؛ فهناك انتشار عسكري في كل المحافظات، بما فيها محافظة الحُديدة وساحل تهامة. ثمة معطيات تؤكد أن الحوثيين على أهبة الاستعداد بريًا وبحريًا وجويًا».

وأردف: «إسرائيل لن تُحدث أكثر مما أحدثته في عملياتها السابقة، خاصة وأنها بدأت تتراجع في عملياتها العسكرية، على صعيد استخدام الطائرات المسيّرة واستخدام الأسلحة البحرية؛ لإدراكها أن الخطر الموجود في اليمن كبير، 

وأنه لا يستطيع أن يحدد قدرة الدفاعات المتوفرة، خاصة وأن القيادة صرحت أن اليمن يمتلك من القدرة والوسائل الدفاعية ما يستطيع معها أن يحيّد القوة الإسرائيلية».

وأشار إلى أنهم يمتلكون من نقاط القوة ما يمكن معها أن تتراجع أي هجمة إسرائيلية، موضحًا أن من نقاط قوة القوات التابعة لـ«الحوثيين» هو استخدام الصواريخ الباليستية والمجنحة، والتي استطاعت أن تخترق منظومات العدو الإسرائيلي الدفاعية ووصلت إلى عقر داره، 

كذلك تمتلك  قوات الحوثيين بنك أهداف متميزة تستطيع من خلالها خلق التأثير؛ علاوة على ما يمثله باب المندب والبحر الأحمر، الذي استطاعت أن تفرض سيطرة على هذا الممر المائي الهام؛ باعتبار باب المندب أهم بوابة بحرية في العالم؛ وهو ما يمثل عنصر قوة آخر».

وقال العميد عابد الثور: «إسرائيل تمتلك سلاحا جويا متطورا، لكن بُعد المسافة بينها وبين اليمن يُعيق الاستخدام الفعال لهذا الطيران؛ لكنهم يحاولون امتصاص هذا التأثير من خلال طائرات تزويد الوقود بالجو. 

الشيء الآخر ليست لديهم أي معلومات عن قوات الحوثيين، التي تعتمد بدرجة كبيرة جدًا على السرية التامة في تقنيتها؛ فلم تستطع الولايات المتحدة اختراق هذه السرية.

 كما أن ما بين إسرائيل وإيران هو صراع يمتد لسنوات، لكن اليمن لم يكن في حسابات العدو الإسرائيلي الذي لم يتصور في السابق أن هذا البلد سيصل إلى هذا المستوى من التميز العسكري. 

كما لا يمكن تجاوز المسار الأمني في الداخل والذي استطاع أن يتجلى في القبض على الجواسيس والانفراد بمواقع عسكرية بعيدة عن الرصد والملاحقة؛ ما يؤكد أن عين العدو الإسرائيلي فقئت في اليمن؛

 وبالتالي لم يحقق أي نجاح في استهداف منصات صاروخية أو غيره في عملياته السابقة، 

وهذا معناه أنه لا يمتلك معلومات؛ ولهذا ظل يستهدف بعملياته أهدافًا محمية بالقانون الدولي مثل ميناء الحُديدة».

أحمد الأغبري