«هدنة غزة» عالقة بين عراقيل الشروط وآمال الانفراجة
الرأي الثالث - وكالات
دخلت مفاوضات هدنة قطاع غزة يومها السادس في العاصمة القطرية الدوحة، وسط اتهامات من «حماس» لإسرائيل بعراقيل، وحديث أميركي إسرائيلي متفائل عن انفراجة بالمحادثات واتفاق «قريب» خلال «أيام قليلة».
ذلك المشهد التفاوضي المعقد، يفك خبراء طلاسمه، مؤكدين أنه رغم التعتيم الجاري حالياً عن مستقبل المحادثات؛ فإن الأقرب حدوث «انفراجة» بضغوط أميركية صريحة ومباشرة وتجاوز أي «شروط معرقلة»، مع تقديم ضمانات لـ«حماس»
في ظل توافقات أميركية إسرائيلية على تهدئة جبهة غزة لاحتمال توجيه ضربة ثانية لإيران حال فشلت المسار الحالي لمحادثات واشنطن طهران.
ووسط مفاوضات دائرة بالدوحة منذ الأحد الماضي، اشترط نتنياهو في مقطع مصور، الخميس، نزع سلاح «حماس» وألا تملك قدرات عسكرية وألا تحكم القطاع، مستبعداً إمكانية صفقة واحدة بغزة دون ذلك، ولوّح بالعودة للحرب،
قائلاً: «إذا أمكن الحصول على ذلك عبر التفاوض، فسيكون ذلك جيداً، وإلا فسنحصل عليه بوسائل أخرى، بقوة جيشنا البطل».
وطرح وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، الخميس، في مقابلة مع صحيفة «داي برس» النمساوية، شرطاً آخر لمستقبل المفاوضات، قائلاً إن نفي قادة «حماس» يمكن «أن يكون جزءاً من الحل لوضع حد للحرب».
بالمقابل، انتقدت «حماس» في بيان «النيات الخبيثة والسيئة» الإسرائيلية، مؤكدة أنها عرضت سابقاً التوصل إلى «صفقة تبادل شاملة، يتم خلالها الإفراج عن جميع الأسرى دفعة واحدة،
مقابل اتفاق يحقق وقفاً دائماً للعدوان، وانسحاباً شاملاً لجيش الاحتلال، وتدفّقاً حراً للمساعدات، لكنّ نتنياهو رفض هذا العرض في حينه، ولا يزال يراوغ ويضع المزيد من العراقيل».
غير أن «حماس» شددت على أنها مستمرة في تعاملها «الإيجابي والمسؤول» في المفاوضات نحو اتفاق يفضي لوقف الحرب مقابل إطلاق سراح أسرى من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي،
وذلك بعد يوم من بيان للحركة، أفاد بأن «هناك العديد من النقاط الجوهرية قيد التفاوض في محادثات وقف إطلاق النار الجارية، بما في ذلك تدفق المساعدات، وانسحاب القوات الإسرائيلية من أراضي القطاع، وتوفير ضمانات حقيقية لوقف دائم لإطلاق النار».
وتزامن ذلك مع تصريحات صحافية من القيادي في «حماس»، باسم نعيم، أكد خلالها أن «ما فشل فيه نتنياهو على مدار 22 شهراً في الحرب والمجاعة لن يأخذه على طاولة المفاوضات».
وعادت إسرائيل للحديث عن تهديد ضرب إيران بعد زيارة نتنياهو لواشنطن التي تطرقت لملفي غزة وإيران، وقال وزير الدفاع، يسرائيل كاتس، في تصريحات الخميس، إن إسرائيل ستضرب إيران مجدداً «بقوة أشد» إذا تعرضت لتهديد منها.
وشنّت إسرائيل حرباً جوية استمرت 12 يوماً على إيران في يونيو (حزيران) الماضي، ما أثار مخاوف من اتساع رقعة الصراع في المنطقة. واتفق الجانبان على وقف إطلاق نار بوساطة أميركية، أعلنه الرئيس الأميركي دونالد ترمب في 23 يونيو الماضي.
أستاذ العلوم السياسية بمصر المتخصص في الشؤون الإسرائيلية والفلسطينية، الدكتور طارق فهمي، يتوقع أن تتحرك مفاوضات الهدنة من العراقيل والتعتيم المفروض على تفاصيلها إلى قبول الطرفين بانفراجة بضغوط أميركية،
لافتاً إلى أن زيارة نتنياهو لواشنطن ناقشت ملفي غزة وإيران بشكل تباينت فيه الرؤى؛ لكن ترمب مُصرّ على إتمام الصفقة بغزة مع السماح لإسرائيل بتوجيه ضربة لإيران حال اضطرت الظروف لذلك.
وفرص الانفراجة، بحسب فهمي، ستتضمن قبول إسرائيل انسحابات تدريجية، خصوصاً من ممر موارغ قرب الحدود مع مصر، وقد تقبل «حماس» بذلك مع استمرار قناة الاتصال المباشر بينها وبين الإدارة الأميركية،
ما يعزز مواقفها على حلبة المفاوضات وعدم دخول نتنياهو في تصادم مع ترمب وقبوله بتنفيذ صفقة غزة مقابل تقبل تطلعاته في استهداف إيران مجدداً.
المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور سهيل دياب، يرى أن «الحركة الفلسطينية قدمت أكثر ما يمكن تقديمه؛ لكن المفاوضات عالقة بسبب أزمات نتنياهو والإدارة الأميركية والداخل الإسرائيلي خاصة،
ولا يزال لديه تردد كبير في اختيار السيناريوهات المطروحة له خاصة وكل محاولات تلاعبه بالجميع من أجل مصالحه الشخصية انتهت».
ولم يستبعد دياب أن يكون ملف التهدئة في غزة مرتبطاً بتفاصيل الملف الإيراني خاصة، وتفاصيل لقاءات نتنياهو وترمب لم تصدر بشكل تفصيلي بعد.
ويبدو الترويج لحدوث انفراجة واتفاق خيار تدفع له إسرائيل وواشنطن مجدداً بشكل لافت في هذا التوقيت الذي يترقب العالم خلاله مسار اتفاق أو اختلاف أميركا وإيران.
وأعرب نتنياهو، الخميس، في مقابلة متلفزة، عن أمله في إبرام اتفاق خلال أيام قليلة، قائلاً: «50 رهينة لا يزالون محتجزين (لدى حماس)،
ويُعتقد أن 20 منهم فقط على قيد الحياة، ولدينا الآن اتفاق من المفترض أن يخرج نصف الأحياء ونصف الأموات، وبهذا سيكون لدينا 10 أحياء متبقون، ونحو 12 رهينة متوفين، لكنني سأخرجهم أيضاً. آمل أن نتمكن من إبرامه في غضون أيام قليلة».
وعقب لقاء نتنياهو في البيت الأبيض مرتين، الأسبوع الماضي، كرر ترمب الحديث عن هدنة قريبة، وحدد الأسبوع الحالي (أي بعد أيام) موعداً محتملاً، وقال وزير خارجتيه، ماركو روبيو، الخميس، إن لديه «أملاً كبيراً» بالتوصل إلى اتفاق.
ووسط ذلك الترقب بين العراقيل والانفراجة، أطلع وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي خلال اتصال هاتفي نظيره الألماني، يوهان فاديفول، على مستجدات الأوضاع في قطاع غزة وتطورات المفاوضات الخاصة باستئناف وقف إطلاق النار وإطلاق سراح عدد من الرهائن والأسرى،
مؤكداً «ضرورة حقن دماء الشعب الفلسطيني وضمان تدفق المساعدات الإنسانية إلى القطاع في ظل ما يعانيه من أوضاع إنسانية مأساوية»، وفق بيان لـ«الخارجية المصرية»، الجمعة.
ويرى فهمي أن «اتفاق غزة قادم قادم، والاتفاق سيدخل مراحله الأخيرة والنهائية، والأمر مسألة أيام. وقد نرى زيارة الأحد أو الاثنين من المبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف للمنطقة لوضع اللمسات الأخيرة»،
مؤكداً أنه «لن تسمح واشنطن بإفشال الاتفاق حرصاً على مصالحها بالمنطقة وعدم إحراج ترمب أمام جمهوره خاصة وهو وعد أكثر من مرة بإتمامه».
ويعتقد دياب أن نتنياهو يريد صفقة بعد زيارة لواشنطن، ولا يستطيع أن يقول لا لترمب، ولذا هو أمام انفراجة قد تتيح له مزيداً من الوقت في إطار مصالحه السياسية أو تعثر وانفجار يطيح به، خاصة مع الخلافات والموقف الأميركي الضاغط.
تحديد موعد انعقاد مؤتمر حول حل الدولتَين في نهاية يوليو
ينعقد المؤتمر الدولي المعني بالتسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتَيْن في 28 و29 يوليو (تموز) الحالي، بعدما كان مقرراً أن تستضيفه الأمم المتحدة في يونيو (حزيران) الماضي بنيويورك، على ما أفادت مصادر دبلوماسية «وكالة الصحافة الفرنسية»، الجمعة.
وكان من المقرر عقد المؤتمر الذي دعت إليه الجمعية العامة للأمم المتحدة، لبحث القضية الفلسطينية وحل الدولتَيْن في يونيو، لكنه أُرجئ في اللحظة الأخيرة بسبب الحرب بين إسرائيل وإيران.
وقالت مصادر دبلوماسية، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن المؤتمر سيُعقد في 28 و29 يوليو الحالي، برئاسة فرنسا والسعودية، من دون أن تكشف عن مزيد من التفاصيل حول برنامجه ومستوى المشاركة فيه، بعدما كان من المتوقع حضور رؤساء دول وحكومات في يونيو الماضي.
ودعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الخميس، إلى اعتراف مشترك بدولة فلسطين من جانب فرنسا والمملكة المتحدة، في حين دعا رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إلى «التركيز» على التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة.