Logo

تفشّ مقلق للإسهال المائي في اليمن والقطاع الصحي شبه منهار

الرأي الثالث - متابعات

أعراض مرضية متزامنة ظهرت على الطفلة اليمنية لمياء القدسي (4 سنوات)، ما جعل والدها يسعفها إلى مستشفى الثورة بمدينة إب (وسط)،

 ليظهر التشخيص الأولي أنها تعاني الإسهال المائي، والذي ينتشر بين الآلاف ضمن موجة تفشّ واسعة في محافظات شمال ووسط البلاد، بينما تعد محافظة إب الأكبر في عدد الإصابات.

يقول والد لمياء : "لاحظت أن ابنتي فقدت الكثير من وزنها بسبب الإسهال الشديد، والذي كان يتكرر ما بين 4 إلى 6 مرات يومياً مع وجود دماء في البراز، وكان مصحوباً بتقيؤ وارتفاع في درجة الحرارة، فأسعفتها إلى المستشفى، 

وهناك أخبرني الطبيب أنها تعاني الإسهال المائي المنتشر بشكل كبير".

ويتكرر ظهور الأوبئة والحميات في اليمن نتيجة تردي الأوضاع المعيشية، وتزايد حالات النزوح، وقلة مياه الشرب النظيفة، وغياب أنظمة الصرف الصحي، إلى جانب الضعف العام في القطاع الصحي. 

ويشهد اليمن واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، والتي أدت إلى أوضاع كارثية متفاقمة، في ظل حرب مستمرة منذ أكثر من عشر سنوات.

من داخل أحد مستوصفات مدينة إب، يقول الطبيب أنور عبد الله علي ، إن "الاسهال المائي ينتشر بشكل كبير، ومن بين كل خمسة مراجعين للمستوصف أحدهم مصاب بالإسهال المائي، 

وهناك أسباب عديدة لذلك، من بينها التلوث الغذائي، وعدم وجود مراقبة مستمرة على المطاعم، كما أن تزايد هطل الأمطار في فصل الصيف يؤدي إلى تلوث مصادر مياه الشرب، أو اختلاطها بالصرف الصحي، 

ما يزيد انتشار المرض، خاصة في ظل غياب الجهد الحكومي للحد من انتشاره".

ويشير إلى أن "أعراض المرض تشمل الإسهال الشديد الذي يرافقه غثيان وتقيؤ، وأحياناً ألم في البطن أو مغص معوي، مع ارتفاع درجة الحرارة في بعض الحالات،

 وتكمن الخطورة في كونه يسبب جفافاً للجسم مع فقدان السوائل، وقد يسبب هبوطاً في ضغط الدم، ما قد يؤدي إلى اختلال في وظائف الكلى، واضطراب في الجسم،

 وقد يؤدي في بعض الحالات إلى الوفاة، خصوصاً إذا لم تتم معالجته سريعاً".
 
ويوضح الطبيب اليمني أنه "يمكن مكافحة الإسهال المائي بالتوعية أولاً، وتجنب تناول الأطعمة الملوثة، أو الخضراوات التي يتم ريها بواسطة مياه الصرف الصحي، لكن الجهات الحكومية متقاعسة في هذا الشأن، وهناك دور محدود لبعض المنظمات المهتمة بالصحة في مكافحة المرض".

وأفادت منظمة أطباء بلا حدود بأن محافظة إب، الواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثيين، تشهد ارتفاعاً كبيراً في معدلات الإصابة بالإسهال المائي الحاد، وتسجيل مئات الحالات الجديدة خلال الشهرين الماضيين،

 وقالت في بيان، الاثنين الماضي، إن فرقها الطبية رصدت تزايداً ملحوظاً في أعداد المصابين بالإسهال المائي الحاد، وإنه جرى معالجة أكثر من 1.700 مريض، عانى معظمهم حالات جفاف متوسطة إلى شديدة.

وحذّر البيان من تفشّ واسع للمرض خلال الفترة المقبلة، موضحاً: "مع اقتراب موسم الأمطار، تتخوّف فرقنا من ارتفاع إضافي في الإصابات بمحافظة إب وغيرها من مناطق اليمن، حيث لا تكفي خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية للحد من انتشار الأمراض".

ويقول الطبيب أحمد القباطي ، إن "اليمن موبوء بالعديد من الأمراض التي يمكن الوقاية منها في حال وجود قطاع صحي فاعل، لكن الحرب التي تشهدها البلاد منذ سنوات دمرت وعطلت الكثير من المراكز الصحية، وتسببت في إضعاف الخدمات الصحية، 

كما أن تردي أو غياب الخدمات العامة يسهم في انتشار الأمراض، ما يستدعي تدخلات عاجلة وشاملة لمكافحة الأمراض، وفي مقدمتها الإسهال المائي الذي تفشى مؤخراً بسبب عدم وجود مياه نظيفة، وعدم إمكانية الحصول على الأدوية والخدمات الطبية المناسبة في الوقت المناسب".
 
وبحسب منظمة الصحة العالمية فإن مرض الإسهال يعد السبب الرئيسي الثاني لوفاة الأطفال دون عمر الخامسة، وهو مسؤول عن وفاة 1.5 مليون طفل كل عام، ويعرف الإسهال بأنه خروج البراز الرخو أو السائل ثلاث مرات أو أكثر في اليوم الواحد، أو على نحو أكثر تواتراً من الطبيعي. 

وتشير المنظمة إلى أن العدوى تنتقل عن طريق الطعام الملوث أو مياه الشرب، أو من شخص إلى شخص نتيجة سوء النظافة، ويمكن علاج الإسهال بمحلول من الماء النقي والسكر والملح، مع تناول أقراص الزنك.

وتؤكد منظمة الصحة العالمية أن معظم من يموتون نتيجة الإسهال يلقون حتفهم في الحقيقة نتيجة الجفاف الشديد وفقدان السوائل، والأطفال الذين يعانون سوء التغذية أو ضعف المناعة أكثر عرضة لخطر الإسهال المهدد للحياة.