مع تزايد الزخم الدبلوماسي.. هل اقتربت حرب غزة من نهايتها؟
الرأي الثالث - وكالات
تشهد الساحة الفلسطينية تطورات متسارعة في ظل الجهود الدولية والإقليمية المكثفة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، بعد شهور من التصعيد العسكري الذي خلّف عشرات آلاف الشهداء والجرحى، وأدى إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة.
وعادت مجدداً تحركات دبلوماسية تقودها قطر ومصر والولايات المتحدة لإنجاز اتفاق شامل، يتضمن وقفاً لإطلاق النار على مراحل، والإفراج عن الأسرى، إلى جانب إدخال مساعدات إنسانية عاجلة إلى القطاع.
وتسعى كل من قطر ومصر إلى استضافة مفاوضات غير مباشرة بين "حماس" و"إسرائيل"، في حين يجري تنسيق موازٍ مع واشنطن والدوحة للضغط على الجانبين للتوصل إلى صيغة نهائية للاتفاق.
حركة "حماس" شددت على أن أي اتفاق يجب أن يضمن انسحاباً كاملاً من قطاع غزة، ووقف العدوان، وبدء عملية إعمار شاملة، إضافة إلى الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين.
من جانبه، يماطل الاحتلال في تقديم ضمانات واضحة، ويربط التهدئة بالإفراج عن الأسرى الإسرائيليين، دون الالتزام الكامل بوقف دائم لإطلاق النار.
حسابات نتنياهو
الخبير في الشأن الإسرائيلي، عصمت منصور، أكد أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو يسعى لربط الجدول الزمني للاتفاق المرتقب بجدوله السياسي الخاص، مستغلاً المعطيات البرلمانية والفترة المقبلة لصالحه.
وقال منصور : "إن عطلة الكنيست، التي تبدأ في 28 يوليو وتستمر ثلاثة أشهر، تتيح لنتنياهو هامشاً للمناورة، إذ يمكنه الاستمرار في الحكم حتى في حال انسحاب بن غفير وسموتريتش من الائتلاف، وذلك عبر حكومة أقلية".
وأوضح منصور أن نتنياهو قد يستغل هذه الفترة للإعداد لإعلان موعد انتخابات مبكرة، قد تجرى في فبراير أو مارس من العام المقبل، أي قبل تسعة أشهر من موعدها الأصلي.
وأضاف أن التوصل إلى اتفاق وفق مقترح المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، قد يتم خلال الفترة الممتدة حتى نهاية يوليو، على أن تمتد بعدها فترة تفاوض حتى فبراير 2026 لإنهاء الحرب والتوصل إلى تسوية إقليمية شاملة.
وأشار منصور إلى أن نتنياهو يطمح إلى التوجه للانتخابات وقد حقق اتفاق تطبيع شامل، يشمل غزة ولبنان وسوريا وحتى إيران، ليطالب من خلاله بتفويض شعبي جديد لتتويج ما بدأه.
وبيّن أن نتنياهو سيحاول تشكيل حكومة "إجماع صهيونية" تضم زعيم المعارضة الحالي يائير لابيد ووزير الدفاع الأسبق بيني غانتس وغيرهما إضافة إلى الأحزاب الدينية،
ما يعني أنها قد تضم أكثر من 80 عضو كنيست، يكون هدفها الأساسي تعزيز مسار التطبيع ورأب الصدع الداخلي.
ولفت إلى أن نتنياهو يدرك جيداً أن كل "الرصيد السياسي والأمني" الذي راكمه من خلال تحركاته في إيران وسوريا ولبنان لا يكفي وحده، ولا يغني عن التوصل إلى حل شامل في غزة.
وذكر منصور أن نتنياهو يعلم أيضاً أن الحكومة التي شكّلها في بداية الحرب، والتي كانت تعتبر رافعة له لخوض معاركه الإقليمية، لم تعد صالحة، بل أصبحت عبئاً حقيقياً يعيق الوصول إلى أي حلول سياسية واقعية.
وأوضح أن رئيس حكومة الاحتلال بات مقتنعاً بأن الحلول العسكرية، رغم ما قد تحققه من مكاسب ميدانية مؤقتة، تبقى محدودة النتائج وتحمل في طياتها أثماناً باهظة، ولا يمكن الاعتماد عليها كخيار طويل الأمد.
وأضاف أن المرحلة الحالية هي "مرحلة الحصاد" بالنسبة لجميع الأطراف، وفيها سيحاول نتنياهو إنهاء الحرب على غزة، تمهيداً للتخلّص من ائتلافه الحاكم، الذي استنفد غايته السياسية وأصبح يجرّه إلى الخلف.
وشدد منصور، على أن هذه المرحلة تتطلب من الفلسطينيين رسم خطوط سياسية واضحة، وتحديد مصالحهم وأولوياتهم الوطنية، والسعي للخروج من هذه الحرب برؤية موحّدة لما بعدها، بدلاً من الاكتفاء بردود الفعل.