Logo

الأزمة المالية تؤجل عودة بن بريك وسط احتجاجات تطالب بالكهرباء

الرأي الثالث - متابعات

 تواجه الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا صعوبة بالغة في صرف رواتب الموظفين بالعلاوات التي أُعلن إطلاقها في مارس/آذار الماضي، وكذلك في مواجهة الأزمات المالية والمعيشية المتفاقمة وانهيار الخدمات العامة.

وتعرقل كل هذه الأزمات عودة رئيس الحكومة الجديد، سالم بن بريك، من الرياض إلى عدن، حيث تنشط منذ الأسبوع الماضي احتجاجات نسائية حاشدة تطالب بحياة معيشية كريمة وتحسين الخدمات وتوفير الكهرباء التي وصلت ساعات انقطاعها إلى أكثر من 20 ساعة في اليوم. وترفع المتظاهرات، اللاتي يخرجن بأعداد كبيرة، 

لافتات تشير إلى أزمات أخرى، كضعف وصول المياه، وتأخير الرواتب، وغياب فرص العمل.

وفي السياق، قالت مصادر أن رئيس الحكومة، الذي تفاعل مع الاحتجاجات الواسعة في عدن بتقديم الوعود بتلبية المطالب، وهو يبحث مع مجلس القيادة الرئاسي، الموجود رئيسه ومعظم أعضائه في الرياض، عن دعم مالي سعودي قبل العودة إلى عدن في هذه الظروف الصعبة والحرجة، بعد أن فشلت المحاولات الأخيرة مع صندوق النقد الدولي في الحصول على تمويل مالي عاجل. 

يأتي ذلك في الوقت الذي تنتظر فيه الأسواق المحلية إطلاق العلاوات السنوية للموظفين، حيث تتزامن موجة سعرية مع الانهيار المتواصل في سعر صرف العملة، وسط تدهور القدرة الشرائية، ومخاوف واسعة من تفاقم الأزمة الإنسانية التي تطاول معظم سكان البلاد.

وتستحوذ الأزمة المصرفية الحادة على اهتمام اليمنيين، حيث تتبادل المؤسسات المالية والنقدية الحكومية والكيانات المصرفية في عدن الاتهامات حول مسؤولية التردي الكبير في سعر صرف الريال أمام العملات الأجنبية، وتسبب ذلك في ارتفاع أسعار السلع الغذائية بنسب متفاوتة، مع إعلان البنك المركزي في عدن المزاد الشهري من المنحة السعودية لبيع العملات الأجنبية للتجار بغرض الاستيراد.

 في الوقت نفسه، تسعى الجهات الحكومية المعنية للحصول على قنوات تمويل دولية، وتفعيل المفاوضات مع المؤسسات والصناديق المالية لمساعدتها في الجهود التي تبذلها لمواجهة الأزمات الاقتصادية والمالية والمصرفية والغذائية المتلاحقة.

وتحدث مصدر رسمي مصرفي ، عن أن الأمل كبير بنجاح المفاوضات الجارية مع صندوق النقد للحصول على منحة مالية مناسبة تساعد البنك المركزي في عدن وتمكنه من أداء مهامه في إدارة السوق النقدية وتهدئة سوق الصرف وضبطه. 

لكن من جانب آخر، تتحدث مصادر حكومية مسؤولة عن صعوبات بالغة وتحديات قد تعوق التوصل إلى اتفاق سريع مع صندوق النقد الدولي.
 
ويرى المحلل الاقتصادي ماجد الداعري، أن انهيار العملة المحلية نتاج طبيعي للتدهور الاقتصادي الحاصل عموماً، إضافة إلى تردي الخدمات العامة وتفاقم الأوضاع المعيشية، في ظل انعدام موارد الدولة مع إيقاف تصدير النفط، وغياب سياسات الحلول والمعالجات لدى الحكومة، وكذلك محاربة الفساد وتبني برنامج إصلاحات فاعل وشامل. 

وأضاف أن على الحكومة أن تتبنى سياسة تقشف يفترض أن تكون متوازنة مع هذه الظروف والأوضاع الراهنة، لافتًا إلى المزيد من العوامل المتسببة بهذا الوضع، مثل الخلافات الحاصلة في الحكومة ورفض وزرائها حضور أي اجتماع مع رئيسها،

 فضلاً عن الخلاف الحاصل مع مجلس القيادة الرئاسي.

وتطالب الحكومة والمؤسسات المالية والنقدية التابعة لها، صندوق النقد الدولي بالحصول على برنامج مخصص لليمن شبيه بالبرامج المقدمة لدول متأثرة بالنزاع، وذلك لتحقيق الاستقرار الاقتصادي، وإعادة بناء المؤسسات، وتعزيز القدرة على الصمود على المدى الطويل. 

كذلك تعوّل كثيراً على الحصول على منح وتمويلات دولية للتعامل مع الأزمات الاقتصادية المتلاحقة وانهيار سعر صرف العملة المحلية، التي تلقي تبعات جسيمة على معيشة اليمنيين.

 إضافة إلى تغطية احتياجات السوق النقدية، والأهم تغطية التكاليف الإضافية في بند الرواتب، ما يمكّن الحكومة من إطلاق العلاوات السنوية التي أعلنتها نهاية مارس/آذار الماضي. 

وقد أعلنت وزارة الخدمة المدنية في عدن فتح إجراءات الترقيات والعلاوات والتسويات لموظفي الدولة في القطاعات المركزية والمحلية في المحافظات الواقعة تحت إدارة الحكومة المعترف بها دوليًا، وذلك للفترة الممتدة من يناير/كانون الثاني 2013 وحتى ديسمبر/كانون الأول 2024، بعد توقف دام لسنوات. 

وكذلك إطلاق العلاوات السنوية المتأخرة للأعوام 2021 - 2024، مع تأكيد مراعاة الأوضاع الوظيفية المختلفة للموظفين بحسب القوانين النافذة، ووفق نماذج موحدة لتسهيل عمليات الحصر والتنفيذ.

من جهة اخرى، قالت مصادر أن هناك تحفظًا من قبل الجهات والمؤسسات المانحة العربية والدولية، مثل صندوق النقد الدولي، من الطريقة التي تتعامل بها الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا مع الملف الاقتصادي، وعدم وجود أي مؤشرات أو بوادر محفزة للجهات المانحة تجعلها تستجيب بشروط مخففة لطلبات الحكومة اليمنية واحتياجاتها. 

وقد فسر خبراء اقتصاد ومسؤولون ومستشارون يمنيون قريبون من منظمات ومؤسسات مالية وجهات تمويلية مانحة ذلك من خلال تقييم الأداء على أرض الواقع، حيث يراوح مكانه منذ سنوات، وليس هناك أي تقدم إيجابي على المستويات كافة، 

فمختلف الأزمات الاقتصادية تزداد سوءًا، وتشهد الخدمات العامة المزيد من التردي والتدهور، دون وجود أي تدخلات ملموسة لتحسينها.

لكن الأهم في هذا الخصوص، أن المجتمع الدولي والمانحين ينتظرون بدرجة رئيسية تحقيق أي اختراق في الملف السياسي يؤدي إلى تنفيذ خريطة الطريق والحوار بين جميع الأطراف، لحلحلة القضايا الاقتصادية العالقة بينهم بشكل طارئ، والسماح بإعادة تصدير النفط، وتوحيد المؤسسات المالية والنقدية، بما يسمح لها بالعمل بشكل حيادي بعيدًا عن تدخلات أطراف الصراع.

من جانبه، يضع المصرفي اليمني، علي التويتي، مجموعة من الأسباب لانهيار أسعار الصرف في المناطق الحكومية، تساهم في توسيع الفجوة مع المانحين والجهات التمويلية، وتتمثل بتعدد السلطات هناك، والاستحواذ على الموارد على مستوى المناطق المحلية، والفساد الإداري والمالي الكبير، والتهرب الضريبي والجمركي،

 إلى جانب توقف صادرات النفط ودعم الكهرباء وسرقة الوقود المخصص للمحطات، 

فضلًا عن أسعار الغاز المنزلي والبترول الرخيص في مأرب الذي لا تستفيد منه الحكومة لتغطية العجز.