Logo

النساء يتقدّمن المشهد اليمني: توسع "ثورة النسوان" من عدن إلى لحج وأبين

الرأي الثالث - متابعات

 للأسبوع الثاني على التوالي، تواصلت احتجاجات نسائية، عصر اليوم الجمعة، في ساحة العروض بمنطقة خور مكسر، وسط العاصمة المؤقتة عدن، ضمن ما بات يُعرف بـ"ثورة النسوان". 

هذه الحركة الاحتجاجية النسائية، التي أخذت تتوسع لتشمل محافظات لحج وأبين، وجاءت رفضًا للانهيار المعيشي الحاد، وانقطاع الخدمات الأساسية كالكهرباء والماء، وتدهور التعليم، وتأخّر صرف الرواتب، والانهيار المستمر للعملة.

النساء يتقدّمن المشهد في اليمن للمرة الأولى

في سابقة لافتة، تصدرت النساء مشهد الاحتجاج، وخرجن بأعداد كبيرة إلى الشارع، رافعات أصواتهن ومطالبهن التي طال صمت الجهات المعنية عنها.

 حملت المتظاهرات لافتات وهتافات تعبّر عن وجع الناس، منها: "نحن الصوت الذي لا يُهان، صرخة شعب في وجه كل جبان"، و"أين المدارس؟ أين الدواء؟ أين الرواتب؟ 

لقد قطعتم عنا الهواء"، وكذلك: "الروتي غلي، والشعب جاع... ونحن نقول: الوضع ضاع"، و"لا راتب، لا زيت، لا دقيق... يا حكومة، جلبتِ لنا الضيق"، وأيضاً: "الدولار طار، والسعودي اشتعل. والمواطن يصرخ ويتوجّع".

لا أعلام ولا انتماءات

ورفضت المتظاهرات رفع أي أعلام حزبية أو سياسية، مؤكدات أن هذا الحراك لا يمثل أي جهة أو مشروع سياسي، بل يعكس مطالب شعبية خالصة، موجّهة إلى كل من يدير البلاد أو يتحكّم في ملفها، سواء في الداخل أو الخارج. 

تؤكد رنا باعبيد، وهي معلمة، "أن سوء الأوضاع لم يعد يوفّر أحداً، إذ يطاول الجميع، صغاراً وكباراً، رجالًا ونساء، ما دفع النساء إلى المبادرة بالخروج إلى الشارع والانتفاض ضد هذا الواقع المرير". 

وتوضح: "الظروف الصعبة أجبرتنا جميعًا على الخروج، في إطار ما بات يُعرف بـ(ثورة النسوان)، للمطالبة بحقوقنا الأساسية التي نعاني من غيابها كمجتمع، ونصطدم بها يوميًّا، حتى حُرمنا من أبسط حقوق الإنسان".
 
أما إحدى المتظاهرات وتدعى سارة بن شجاع، فتُعبّر عن غضبها بقولها : "البعض يحاول تصنيفنا سياسياً، لكننا نؤكد أننا لا ننتمي إلى أي طرف سياسي، ولم نخرج لاستهداف أحد. 

خرجنا فقط لنُسمع صوتنا لمن يحكم ويدير البلاد. نريد حقوقنا الأساسية: الكهرباء، والماء، والتعليم، والرواتب، ووقف انهيار العملة، والحد من ارتفاع الأسعار". 

وتضيف "لن نتوقف عن حراكنا حتى نضمن حقنا في العيش الكريم، ونشعر بشيء من الراحة، خاصة في ظل التراجع المخيف لحقوق المرأة، وغيابها التام عن المشاركة السياسية".

بدورها، المتظاهرة إيمان سعيد خرجت إلى الاحتجاجات برفقة أمها وثلاث من شقيقاتها. تقول "دعونا لا نُخدع مجدداً. كل عام نسمع نفس الوعود، ولا شيء يتغير.

 لن نصمت بعد اليوم". بينما تقول سهير محمد، التي اضطرت إلى ترك عملها بسبب تدهور قيمة راتبها: "راتبي أصبح لا يساوي شيئاً، ولا يكفي حتى للمواصلات. خرجنا إلى الشارع لأن الحياة أصبحت لا تُطاق".

وتوضح "كنت أعمل، وكان راتبي قبل عام يبلغ 60 ألف ريال يمني، أي ما يعادل نحو 30 دولاراً، وكان جزء كبير منه يُصرف على المواصلات.

 اليوم، تراجع الراتب فعلياً إلى ما يعادل 20 دولاراً، ولم يعد يكفي لأي شيء، بعد انهيار العملة وارتفاع الأسعار. 

اضطررت إلى ترك عملي، لأن الشركات رفضت تعديل الرواتب بما يتناسب مع التدهور الاقتصادي، وحالي مثل حال الكثيرين ممن واجهوا نفس المصير".

 وترى سهير أن الخروج إلى الشارع اليوم ليس خيارًا، بل ضرورة حياتية لإيصال الصوت والمطالبة بالحد الأدنى من الحقوق.
 
وتؤكد المتظاهرة أفنان جبر، أن "نحن النساء ندفع الثمن الأكبر من هذه الأوضاع المتدهورة. نريد حقوقنا، نريد حياة كريمة، نريد أن ننام وأطفالنا بسلام، كما يفعل باقي البشر.

 أطفالنا نضطر إلى أخذهم إلى السواحل لعلهم يجدون هواءً يخفف حر الصيف في ظل انقطاع الكهرباء. أحيانًا ننتظر أكثر من عشرين ساعة من دون كهرباء". 

وتتابع: "هناك مرضى ماتوا بسبب انقطاع الكهرباء، وغيابها عن كثير من المستشفيات الحكومية، فيما المستشفيات الخاصة مكلفة جدًّا، والناس لا تكاد تجد ما تأكله، فكيف لها أن تدفع تكاليف العلاج؟

 الحالة النفسية والجسدية للناس أصبحت سيئة جدًّا، ومع كل هذا، لا أحد يستجيب".

 خمسة مطالب أساسية لـ ""ثورة النسوان"

أصدرت القائمات على الحراك بياناً بعنوان: "معاً من أجل وطن أكثر عدالة، وخدمات تحترم كرامة المواطن". 

وأشار إلى أن هذا الحراك جاء نتيجة التدهور المستمر في الخدمات العامة، وتفشي الفساد الإداري والمالي، ومعاناة المواطنين اليومية من انقطاع الكهرباء والماء، والانفلات المعيشي، والارتفاع المفرط في الأسعار.

 وأكدت المشارِكات في البيان مواصلة الوقفات والاحتجاجات النسوية، رفضاً لهذه السياسات الحكومية الفاشلة، ومطالبةً مجلس القيادة الرئاسي بإصلاحات عاجلة وشاملة تضمن حياة كريمة للمواطنين.

وتضمن البيان خمسة مطالب رئيسية وهي: مكافحة الفساد ومحاسبة المسؤولين الفاسدين، وحل أزمة الكهرباء والمياه بحلول جذرية ودائمة، وضبط الأسعار وإنهاء استغلال السوق، إضافة إلى تحسين قطاع التعليم وضمان حقوق المعلمين، فضلاً عن وقف تدهور العملة من خلال سياسات نقدية مستقرة. 

وأكد البيان أن هذه المطالب ليست ترفاً، بل حق مشروع لكل مواطن ومواطنة، داعياً الجميع إلى المشاركة في هذا الحراك من أجل مستقبل أفضل.

فارس الجلال