الذكاء الاصطناعي يقتحم كرة القدم من بوابة أندية عملاقة
تعددت الأبحاث والدراسات بشأن أهمية الذكاء الاصطناعي في الرياضة، خاصة كرة القدم، باعتبار تزايد المنافسة محلياً ودولياً وحرص الفرق والاتحاد على استغلال التكنولوجيا من أجل الوصول إلى أفضل النتائج.
وطبعاً، فإن اللجوء إلى الذكاء الاصطناعي لا يمنع من وجود مخاطر تجعل الفرق مطالبة بالحذر الشديد نظراً إلى خصوصية النشاط الرياضي الذي يختلف عن العديد من القطاعات الأخرى، ولهذا يبدو نسق إقبال الفرق على استخدامه محدوداً نسبياً.
ونشر ألفارو غونزاليس، وهو صحافي متخصص في الابتكار الثقافي والرياضي، دراسة أكد من خلالها تدخل الذكاء الاصطناعي في كرة القدم،
حيث قال: "أصبحت كرة القدم من أكثر الرياضات دمجاً للذكاء الاصطناعي في النشاط اليومي، لدرجة أن تغييرات جوهرية طرأت على نموذج العمل.
فعملية الاستكشاف التي كانت تعتبر الجانب الأكثر تعقيداً من الناحية اللوجستية، وفي الوقت نفسه الأكثر أهمية لأداء الفريق، أصبحت الآن تجرى آلياً، ولم تعد الرحلات الطويلة والتقارير غير الموثوقة ضرورية في بعض الأحيان؛
الآن تُغربَل ملايين نقاط البيانات الموضوعية لتلبية احتياجات كل فريق".
وتابع التقرير الذي نُشر عبر موقع barcainnovationhub ليؤكد أنه: "في الوقت نفسه، وفي عمليات النشاط اليومي، ومن خلال معالجة بيانات الذكاء الاصطناعي، يمكن للأندية مراقبة لاعبيها لتقليل خطر الإصابات،
حيث يُقاس الحمل الخارجي، وكذلك المسافة المقطوعة، والتسارع، والحمل الداخلي والمؤشرات الحيوية، وغيرها من المسائل، ويُدعم كل قرار بمعلومات غير مسبوقة مقارنة بالماضي.
وينطبق الشيء نفسه في أثناء المباريات". ويستثمر عدد مهم من الأندية في استغلال الذكاء الاصطناعي، مثل ريال مدريد ومانشستر سيتي وبايرن ميونخ، وبالميراس وفلامنغو، بحثاً عن تحسين الخدمات الطبية المقدمة للاعبيها.
ووفقاً لصحيفة ماركا الإسبانية، تُخصص الفرق أموالاً لتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تساعد على التنبؤ بإصابات لاعبي كرة القدم والوقاية منها.
ووفقاً للمصدر، تعتمد وظائف الذكاء الاصطناعي على جمع بيانات متنوعة، مثل حمل التدريب، وسجل الإصابات، وجودة النوم، والتغذية، والأداء في الملعب،
وحتى الحالة النفسية للرياضي. وتُجمع هذه المعلومات من خلال كاميرات وأجهزة استشعار وأجهزة تسجل كل التفاصيل، ما يتيح نتائج أكثر دقة من التحليل البشري.
ومن المتوقع أن تظهر هذه الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي تأثيرها سريعاً، وأن تُسهم في تقليل عدد الإصابات بنسبة 30%، وهي من بين أهم الميزات التي يوفرها الذكاء الاصطناعي للأندية عبر الحدّ من الإصابات.
كما تجمع تطبيقات الذكاء الاصطناعي معلومات حول التكتيكات والتحركات على الميدان، ما يسمح بدراسة أوسع بكثير للخصوم، وليس التحضير للمباريات فقط من خلال توقع ردات الفعل المحتملة من المنافس، ولكن أيضاً اتخاذ قرارات فورية.
وأشار تقرير نشرته شبكة سكاي البريطاني إلى أنه جرى إنشاء أكبر قاعدة بيانات على الإطلاق في عالم كرة القدم، وهي شبكة فريدة من بيانات الأحداث والإصابات والرواتب عبر أكثر من 100 دوري، تعمل مع الجميع، من ملاك الأندية إلى محللي البيانات، للمساعدة في تغيير مسار اللعبة.
كما أن جميع الأندية لديها إمكانية الوصول إلى البيانات نفسها من خلال الإنترنت عبر مختلف المواقع المختصة والمنصات، إلا أن كيفية استخدام البيانات تختلف. وتلجأ بعض الفرق إلى نظام "بلاير" الذي يستفيد من الذكاء الاصطناعي من أجل إعداد تقارير أكثر دقة.
وبحسب تأكيد موقع businessweekl، فقد أصبح فريق كامبريدج البريطاني أول فريق يستخدم الذكاء الاصطناعي للتعاقد مع اللاعبين ويوظفه في مهام مختلفة، حيث يمكن للنادي الآن صياغة ومراجعة واعتماد عقود اللاعبين القوية قانونياً بشكل أسرع وبتكلفة أقل في الوقت المناسب تماماً قبل إغلاق نافذة الانتقالات.
يعتقد رافي فاروق، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة GenieAI، أن هذه الخطوة ستبدأ اتجاهاً عالمياً.
ويضيف: "نشأت في كامبريدج، ومن دواعي سروري البالغ أن أساعد النادي في توقيع عقود لاعبيه بما يتماشى مع اللوائح من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي".
ويقول إن هذا التعاون أكثر من مجرد ترقية قانونية - "إنه خطوة استراتيجية تجمع بين قصتي نجاح محليتين في كامبريدج".
كما يطرح استخدام الذكاء الاصطناعي مشكلات مثل غياب الشفافية، ذلك أن الخوارزميات المستخدمة معقدة للغاية بحيث يصعب تفسيرها. عندما يحدث هذا، قد تكون استنتاجات الذكاء الاصطناعي غير متوقعة لأنه ليس من الواضح كيف تصل إلى توصية معينة.
كما تؤثر المعلومات التي يوفرها الذكاء الاصطناعي على الأفراد، سواء من خلال لعب دقائق أقل أو تسريحهم من النادي في نهاية الموسم، لذا يجب ضمان أن تكون هذه القرارات موضوعية - أي عادلة ومنصفة.
ويجب أن تكون الأندية قادرة على تبرير ثقتها بالذكاء الاصطناعي والقرارات المتخذة بناءً على معلومات موضوعية وسهلة الوصول.
علاوة على ذلك، ستحتاج الأندية إلى بذل جهود لتعزيز الأمن السيبراني، فأي هجمات قرصنة على البيانات التي يجمعها النادي عن لاعبيه أو المرشحين المحتملين للاستكشاف يمكن أن تضر بشدة بخصوصيتهم وحتى بمسيرتهم المهنية. كما أن خصوصية النشاط الرياضي تجعل من الصعب الوثوق في المعطيات التي يقدمها الذكاء الاصطناعي، باعتبار أنها لا تراعي بعض الجوانب، مثل التغييرات التي يقوم بها المدربون على التشكيلة لتطبيق مبدأ المداورة بين اللاعبين أو لغياب الرهان الرياضي القوي أو ضعف المنافس.