Logo

الشرطة الاسبانية تنفذ عملية واسعة في كاتالونيا لوقف الاستفتاء على الاستقلال

أطلقت الشرطة الاسبانية الرصاص المطاطي واقتحمت مراكز اقتراع يديرها ناشطون في كاتالونيا الأحد فيما احتشد آلاف من السكان في الشوارع للتصويت على استقلال الاقليم الاسباني في استحقاق حظرته مدريد.

وعنونت صحيفة "ال باييس" الأكثر مبيعا "الديموقراطية الاسبانية تواجه أكبر تحد لها"، قبل ساعات من بدء عملية واسعة للشرطة لإغلاق مكاتب اقتراع ومصادرة صناديق سعيا إلى وقف الاستفتاء، تخللتها صدامات.

واصيب 91 شخصا على الأقل و11 شرطيا في المواجهات على ما أعلن مسؤولون ومصادر طبية.

ودعي أكثر من 5,3 ملايين شخص إلى التصويت في كاتالونيا في استفتاء على استقلال هذه المنطقة الغنية شمال شرق اسبانيا التي تتمتع بثقافتها ولغتها الخاصتين.

وطرح الاستفتاء السؤال "هل تريد(ين) أن تصبح كاتالونيا دولة مستقلة بصيغة جمهورية؟"

لكن الحكومة المركزية في مدريد والمحاكم اعتبرته مخالفا للدستور، فيما أصدر قضاة اوامر بمصادرة بطاقات الاقتراع وتوقيف المنظمين الرئيسيين وإغلاق المواقع التي تروج للاستفتاء.

وانتشر الاف من عناصر الشرطة الاسبانية في المنطقة الأحد حيث اقتحموا مراكز اقتراع.

- عنف غير مبرر -

في وسط برشلونة هاجمت شرطة مكافحة الشغب متظاهرين اعتصموا بالجلوس أرضا في مسعى لقطع الطريق على عناصرها بعد مداهمتهم مركز اقتراع في مدرسة، على ما أفاد شهود.

كما أفادت المصادر ان الشرطة أطلقت الرصاص المطاطي، وأبرز رجل لوكالة فرانس برس جرحا أصيب به في الساق بإحدى هذه الرصاصات.

ورد القادة الكاتالونيون بحدة على هذه الحملة الأمنية.

وقال رئيس اقليم كاتالونيا كارليس بيغديمونت لصحافيين ان "الاستخدام غير المبرر للعنف قرار غير عقلاني وغير مسؤول من جانب الدولة الاسبانية، ولن يعطل ارادة الكاتالونيين"، مشيرا الى "ضرب بالهراوات و(استخدام) الرصاص المطاطي واعتداءات من دون تمييز" على اشخاص يتظاهرون "سلميا".

كما كتبت رئيسة بلدية برشلونة آدا كولاو في حسابها على موقع تويتر ان "قيادة حكومة جبانة أغرقت مدينتنا بالشرطة"، مضيفة ان "برشلونة مدينة سلام، لسنا خائفين"، مستخدمة شعارا شاع بعد اعتداء آب/اغسطس الجهادي في المدينة الذي قتل فيه 16 شخصا.

- فرح بالتصويت -

قرب جيرونا اقتحمت شرطة مكافحة الشغب مركز الاقتراع الذي كان يفترض ان يصوت فيه رئيس كاتالونيا. واظهرت مشاهد التلفزيون عناصر من الشرطة المسلحة يحطمون الباب للدخول الى المركز الرياضي الذي تم اختياره كمكتب للتصويت.

لكن بيغديمونت تمكن من الادلاء بصوته في الاستفتاء، على ما أعلنت الحكومة الكاتالونية على حسابها على تويتر ناشرة صورا له وهو يقترع في كورنيلا ديل تيري على بعد 10 كلم.

بدأت المواجهات بعد ليلة سادها التوتر فيما بدأ الاف الكاتالونيين التجمع أمام مكاتب الاقتراع قبل الفجر، وانضموا الى آخرين أمضوا ليلتهم في خيم في الداخل لضمان افتتاحها يوم التصويت.

واحتشد عدد كبير من الناخبين الذين حملوا المظلات تحت المطر امام مدرسة في برشلونة، بينهم كبار في السن وفدوا على كراس متحركة وعائلات اصطحبت اطفالها من أعمار مختلفة. وبغياب الشرطة تمكن هؤلاء من التصويت بلا اشكال، وسط مشاهد احتفالية.

وعبر الناخبون عن فرح عارم بعد الادلاء بأصواتهم، وصرح خوسيه ماس ريباس (79 عاما) "هذا أملنا الكبير، ان نتمكن من التصويت بحرية هكذا رغم المشاكل التي تواجهنا، انا سعيد جدا، بات يمكنني أن اموت بسلام".

لكن في مناطق أخرى من برشلونة اصطف عناصر الشرطة على طول الشوارع وسط أضواء سياراتهم الزرقاء فيما مر ضباط حمل بعضهم معدات لقطع الاقفال بمحاذاة حشود أمام مركز اقتراع آخر.

وردد الحشد هتافات "سنصوت!" بالكاتالونية فيما رفع الكثيرون أيديهم في الهواء.

- "مهزلة" -

رغم انقسام الكاتالونيين بشأن الاستقلال يريد الجزء الأكبر منهم ان يتمكنوا من التصويت على المسألة في استفتاء قانوني وملزم.

وحمل ممثل الحكومة الاسبانية في كاتالونيا السلطات الانفصالية مسؤولية الفوضى.

وقال انريك ميلو في مؤتمر صحافي ان رئيس كاتالونيا كارليس "بيغديمونت وفريقه وحدهم مسؤولون عن كل ما حصل اليوم وكل ما يمكن ان يحصل اذا لم يوقفوا هذه المهزلة".

وتابع ان "الهدف الوحيد لعملية اليوم (الأمنية) كان ضمان عدم إجراء هذا الاستفتاء المخالف للقانون وتمكن الشعبين الاسباني والكاتالوني من مواصلة العيش بسلام وحرية على ما يفعلان منذ 40 عاما".

- ضرائب مفرطة، تمويل متدن -

سعى النواب الانفصاليون في كاتالونيا الى استفتاء على الاستقلال منذ ايلول/سبتمبر 2015 بعد فوزهم بأكثرية 72 مقعدا في البرلمان المحلي.

ورغم الصلاحيات الكبرى التي تملكها كاتالونيا في قطاعات التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية، تؤكد المنطقة أنها تدفع عبر الضرائب أكثر مما تحصل عبر الاستثمارات والتحويلات من مدريد.

وأثار ذلك مشاعر سخط تفاقمت لاحقا بسبب أزمات اسبانيا الاقتصادية، وساهمت في تعزيز القضية الانفصالية ونقلها من الهوامش إلى صميم السياسة الكاتالونية.

وتؤكد حكومة كاتالونيا ان الاستقلال سيؤدي إلى إثراء المنطقة وتعزيز قدرتها على حماية لغتها وثقافتها.

لكن أيا كانت النتيجة فلن تنال اعتراف مدريد أو المجتمع الدولي على الارجح.

وينص قانون الاستفتاء على إصدار إعلان استقلال في مهلة 48 ساعة في حال فوز معسكر ال"نعم"، لكن لم يتضح إن كانت الحكومة المحلية ستنفذ ذلك فعلا.

في المقابل تعرضت الحكومة الاسبانية برئاسة ماريانو راخوي للانتقادات لاقتصار ردها على الازمة على الاعلان تكرارا ان الاستفتاء غير دستوري.

وصرح المهندس رافائيل كاستيو (59 عاما) الذي لف وشاحا يحمل علم اسبانيا على رقبته اثناء تظاهرة في مدريد "على الدولة ان توضح فوائد البقاء متحدين، بدل التكرار باستمرار ان الاستفتاء غير قانوني".