
عندما تكون حرب الإبادة جريمة مربحة للشركات فإنها لا تتوقف
غضبت الشركات الدولية المتواطئة مع إسرائيل في حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني، فقرر الرئيس الأمريكي إخضاع المسؤولة الأممية عن ملف حقوق الإنسان في الأرض المحتلة فرانشيسكا ألبانيزي للعقوبات. السبب في ذلك هو أن تقرير ألبانيزي ضرب تحالف تلك الشركات في مقتل، حيث كشف كيف تتربح شركات دولية مرتبطة بإسرائيل من الدم الفلسطيني، وكيف تتحول جثث الأطفال والنساء إلى أرباح في خزائن تلك الشركات. التقرير يمثل وثيقة إدانة دامغة للشركات الإسرائيلية والدولية التي تتربح من حرب الإبادة عن طريق إمداد قوات الاحتلال بالأسلحة، والتكنولوجيا العسكرية المتطورة، والتمويل، والمعدات المستخدمة في حرب القتل والتدمير والتجويع والتهجير في غزة والضفة الغربية. ويؤكد التقرير أنه طالما استمرت الشركات والمؤسسات المتواطئة مع إسرائيل في إمدادها بوقود حرب الإبادة، فإن الحرب سوف تستمر ولن تتوقف. وطالبت ألبانيزي باخضاع كل الشركات التي تساهم في تمويل وتسليح حرب الإبادة وتأييدها للمحاسبة بواسطة مؤسسات النظام الدولي، وفرض العقوبات الملائمة عليها. وهي تستند في هذا المطلب على نصوص وسوابق في القانون الدولي. من الناحية العملية فإن الشركات المنتجة للأسلحة والتكنولوجيا العسكرية والمعدات والآلات الثنائية الاستخدام (المدني والعسكري) مثل الجرافات، تستطيع وقف صادراتها إلى إسرائيل إذا خافت من التعرض للعقوبات، أو إذا تصرفت من منظور إنساني أخلاقي، بما في ذلك شركات التكنولوجيا الأمنية.
ويقتحم التقرير المعنون: «الاقتصاد السياسي للاحتلال والاقتصاد السياسي لحرب الإبادة»، بالتوثيق الدقيق لاستخدام الحرب كحقل تجارب لتكنولوجيات وأسلحة ومعدات جديدة، وصفها خبراء بأن قوتها التدميرية تعادل 10 أمثال القوة التدميرية لقنبلة هيروشيما، تركت وراءها معظم قطاع غزة أرضا خراب لا تصلح للحياة، وقتلت ما يقرب من 60 ألف طفل وامرأة ورجل، في عمليات عسكرية وحشية تتراوح بين القتل العشوائي، والضربات الدقيقة التي تستهدف المرضى في المستشفيات، والأطفال في المدارس، والنساء في المخيمات. وحدد التقرير أسماء الشركات التي تتربح من الحرب، والأنشطة التي تشارك فيها، وطبيعة العلاقات التي تربطها بآلة الحرب الإسرائيلية. كما أوضح الأسس القانونية والأخلاقية لمسؤولية هذه الشركات في حرب الإبادة، مؤكدا على ضرورة تصفية النظام الذي يسمح لها بالمشاركة في تلك الحرب. وقالت ألبانيزي في تقريرها إن التواطؤ الذي كشفه التقرير ليس سوى غيض من فيض؛ وأنه لا يجب أن يمر من دون محاسبة القطاع الخاص والشركات المملوكة للدول، بما في ذلك المسؤولين التنفيذيين، حيث أن القانون الدولي يقر بأن هذه المسؤولية تتطلب التدقيق والمساءلة.
ويفضح التقرير كيفية دعم الشركات للمنطق الاستعماري الاستيطاني الإسرائيلي، المتمثل في التهجير والاستبدال بالمستوطنين، الذي يهدف إلى تجريد الفلسطينيين من أراضيهم ومحو ملكيتهم لها. وتشمل القطاعات التي تناولها التقرير شركات تصنيع الأسلحة، والتكنولوجيا، وشركات البناء والتشييد، والصناعات الاستخراجية والخدمية، والبنوك، وصناديق التقاعد، وشركات التأمين، والجامعات، والجمعيات الخيرية، التي تشارك في العمل على حرمان الفلسطينيين من حق تقرير المصير، وتسهم في ممارسة انتهاكات هيكلية أخرى في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك الاحتلال والضم وجرائم الفصل العنصري والإبادة الجماعية، بالإضافة إلى قائمة طويلة من الجرائم الملحقة وانتهاكات حقوق الإنسان، بدءا من التمييز والتدمير العشوائي والتهجير القسري والنهب، وصولا إلى القتل خارج نطاق القضاء والتجويع والعقاب الجماعي.
وفي هذا السياق أكد التقرير أن محاسبة الشركات على دورها في ارتكاب جرائم ضد القانون الدولي وضد الإنسانية ليست شيئا جديدا أو مستحدثا، فقد كانت هناك سوابق مهمة، مثل المحاكمات التي جرت للمسؤولين في شركات صناعية بعد الهولوكوست، مثل محاكمة قيادات شركة المنتجات الكيميائية الألمانية «آي. جي. فاربن»، التي كانت في يوم من الأيام أكبر مجمع للصناعات الكيميائية في العالم، ولعبت دورا بالغ الأهمية في آلة هتلر الحربية وفي الهولوكوست، حتى أنها لُقبت بـ«كيميائي الشيطان». فهي الشركة التي أنتجت مادة «زيكلون بـ« وهي المادة السامة التي استخدمها هتلر في غرف الغاز ضد معارضيه. كما أن هذه الشركة استغلت في مصانعها أكثر من 35 ألف عامل بطريق السخرة. وكانت المحاكمة سابقة من السوابق المهمة في مجال إثبات «المسؤولية الجنائية الدولية للمديرين التنفيذيين للشركات المتواطئة في ارتكاب جرائم دولية». كما استشهد التقرير أيضا بالتحقيقات التي أجرتها لجنة الحقيقة والمصالحة في جنوب أفريقيا، لإثبات مسؤولية الشركات عن انتهاكات حقوق الإنسان خلال مرحلة الفصل العنصري. وذكر أن القضية الفلسطينية تشكل اختبارا إضافيا للمعايير الدولية، التي تضع على عاتق الدول التزاما أساسيا بمنع انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها أطراف ثالثة، والتحقيق فيها، ومعاقبة مرتكبيها، ومعالجة تداعياتها.
لا حياد في ارتكاب الجريمة
رسم تقرير فرانشيسكا ألبانيزي خريطة لتورط شركات ومؤسسات محلية وأجنبية، أولا في تمكين الاحتلال داخل الضفة وغزة، ثم المشاركة في حرب الإبادة من خلال أنشطة كثيرة توزعت على محاور أساسية تتعلق بالتسلح، والاستيطان، والسيطرة على الموارد، والمراقبة الإلكترونية، والتهجير، والهدم والبناء، والطاقة، والتمويل، والتجارة، وغيرها من الأنشطة الممتدة والمترابطة التي تعزز السيطرة الصهيونية الاقتصادية والطبيعية والبشرية على الأرض المحتلة، سواء في مرحلة الاحتلال أو في مرحلة الإبادة. ولا يزال عدد كبير جدا من الكيانات المؤسسية المؤثرة مرتبطا ماليا بالفصل العنصري والعسكرة الإسرائيليين. وتُعدّ شركتا «بلاك روك» و«فانغارد» من أكبر المستثمرين في شركات الأسلحة التي تُعدّ محور ترسانة إسرائيل العسكرية المستخدمة في الإبادة. وقد غطّت بنوك عالمية كبرى سندات الخزانة الإسرائيلية، التي موّلت الدمار، واستثمرت أكبر صناديق الثروة السيادية والمعاشات التقاعدية في الأموال العامة والخاصة في اقتصاد الإبادة الجماعية، مع ادعاء احترام المبادئ الأخلاقية. وحققت شركات الأسلحة أرباحا قياسية من خلال تزويد إسرائيل بأسلحة متطورة دمرت سكانًا مدنيين عُزَل. ولعبت معدات وآليات شركات معدات البناء العالمية العملاقة دورا محوريًا في تدمير غزة، ومنع عودة الحياة الفلسطينية. وفي الوقت نفسه توفر تكتلات الطاقة الاستخراجية والتعدين مصادر للطاقة المدنية، فقد غذّت شركات مثل «بي بي» البريطانية و«شيفرون» الأمريكية البنى التحتية العسكرية والطاقة في إسرائيل – وكلاهما يُستخدم لخلق ظروف معيشية مصممة لتدمير الشعب الفلسطيني. وتستمر الجامعات في جميع أنحاء العالم، متخفية وراء ستار الحياد البحثي، في الاستفادة من اقتصاد يعمل الآن في وضع إبادة جماعية لشعب بأكمله.
في الواقع، تعتمد هذه الكيانات هيكليا على التعاون والتمويل الاستعماري الاستيطاني. ببساطة يستمر العمل كالمعتاد، لأنه لا شيء في هذا النظام بقي محايدا. لقد حوّل المحرك الأيديولوجي والسياسي والاقتصادي الدائم للرأسمالية العنصرية اقتصاد الاحتلال الإسرائيلي القائم على التهجير والاستبدال إلى اقتصاد إبادة جماعية. هذا «مشروع إجرامي مشترك، حيث تُسهم أفعال شخص واحد في نهاية المطاف في اقتصاد كامل يُحرّك هذه الإبادة الجماعية ويُموّلها ويُمكّنها». وتُشكّل الكيانات المذكورة في هذا التقرير جزءًا بسيطًا من هيكل أعمق بكثير من تورط الشركات، التي تتربّح من الانتهاكات والجرائم في الأرض الفلسطينية المحتلة وتُمكّن إسرائيل من الاستمرار فيها. واليوم، أصبح مطلب المساءلة أكثر إلحاحًا: فلا يجب استمرار أي نظام يُديم تلك الجرائم الدولية الخطيرة. وفيما يلي عرض لبعض الأمثلة التي خاض التقرير في تفاصيل علاقاتها مع حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني:
شركات السلاح
طور مصنعو الأسلحة الإسرائيليون والأجانب أنظمة متزايدة الفعالية لطرد الفلسطينيين من أراضيهم. وشمل ذلك تطوير تقنيات تمكّن إسرائيل من تكثيف القمع والتدمير.
وقد وفر الاحتلال والحملات العسكرية المتكررة أرضا خصبة لاختبار القدرات العسكرية المتطورة مثل منصات الدفاع الجوي، والطائرات بدون طيار، وأدوات الاستهداف التي تعمل بالذكاء الاصطناعي. وبعد تجربة هذه المنتجات على الفلسطينيين في الأرض المحتلة، يتم تسويقها خارجيا على أنها «مُجرّبة في المعارك». ولهذا فإن المجمع الصناعي العسكري الإسرائيلي يمثل العمود الفقري الاقتصادي للدولة.
و بين عامي 2020 و2024، أصبحت إسرائيل ثامن أكبر مُصدّر للأسلحة في العالم، بفضل صادرات أكبر شركتين للصناعات العسكرية هما «إلبيت سيستمز» و«الصناعات الجوية الإسرائيلية»، وهما من بين الشركات الخمسين الأكبر في العالم في هذا المجال. وتستفيد إسرائيل دوليا من أكبر برنامج مشتريات دفاعية على الإطلاق – وهو برنامج إنتاج الطائرة إف-35 المقاتلة الذي تقوده شركة «لوكهيد مارتن» الأمريكية، إلى جانب عشرات الشركات الأخرى، منتشرة في عدد من الدول حول العالم، منها شركة الصناعات العسكرية الإيطالية «ليوناردو إس بي إيه»، وهي إحدى الشركات الرئيسية الموردة للسلاح إلى الدول العربية. وبعد أكتوبر 2023، استخدمت إسرائيل طائرات إف-35 وإف-16 لإسقاط ما يقدر بنحو 85000 طن من القنابل معظمها عشوائية، لقتل وإصابة أكثر من 179411 فلسطينيا ومحو غزة من على وجه الأرض. كما كانت الطائرات بدون طيار والطائرات السداسية والرباعية المروحيات آلات قتل موجودة في كل مكان في سماء غزة. وحلقت الطائرات بدون طيار التي طورتها إلى حد كبير شركة «إلبيت سيستمز» وشركة «الصناعات الجوية الإسرائيلية» إلى جانب الطائرات المقاتلة لفترة طويلة، حيث قامت بمراقبة الفلسطينيين وتقديم معلومات استخباراتية عن الأهداف. وفي العقدين الماضيين، تم تطوير الطائرات بدون طيار بدعم من مؤسسات مثل «معهد ماساتشوستس» للتكنولوجيا في الولايات المتحدة.
شركات التكنولوجيا
تستخدم تكنولوجيا المعلومات والمراقبة الإلكترونية على نطاق واسع في قمع الفلسطينيين آليا بشكل متزايد. وتوفر شركات التكنولوجيا بنية تحتية مزدوجة الاستخدام (مدني/عسكري) تقوم بجمع ودمج البيانات الجماعية والمراقبة، مع الاستفادة من استخدام الأرض الفلسطينية المحتلة ساحة اختبار للتكنولوجيا العسكرية. وتلعب شركات التكنولوجيا الأمريكية العملاقة دور المحرك الرئيسي في هذه العمليات من خلال فروعها، ومراكز البحث والتطوير التابعة لها في إسرائيل. وأدت ادعاءات إسرائيل بالاحتياجات الأمنية من أجل «الدفاع عن النفس» إلى ابتكار تكنولوجيا ومعدات غير مسبوقة في إدارة السجون والمراقبة، من شبكات الدوائر التلفزيونية المغلقة «CCTV»، والمراقبة البيومترية، وشبكات نقاط التفتيش التكنولوجية المتقدمة، و«الجدران الذكية»، والمراقبة بالطائرات بدون طيار، إلى الحوسبة السحابية، والذكاء الاصطناعي، وتحليلات البيانات التي تدعم التخطيط العسكري الاستراتيجي والعملياتي. وفي الواقع العملي تنمو شركات التكنولوجيا الإسرائيلية من داخل البنية التحتية العسكرية. ومن الأمثلة على ذلك مجموعة NSO، التي أسسها أعضاء سابقون في الوحدة 8200 الاستخبارية فيما يتعلق بتطوير برنامج التجسس Pegasus الخاص بها، المصمم لعمليات سرية ومراقبة الهواتف الذكية. وقد استُخدِم هذا البرنامج ضد النشطاء والقادة والصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان. ويتم تصدير هذه البرامج بموجب قانون مراقبة الصادرات الدفاعية. وتعتبر شركة IBM التي تعمل في إسرائيل منذ عام 1972، أحد الأذرع المهمة في تطوير القدرات التكنولوجية الإسرائيلية في مجالات الرقابة وتصنيف المعلومات والتجسس، حيث تقوم بتدريب أفراد الجيش والمخابرات – وخاصة من الوحدة 8200. ومنذ عام 2019، قام فرع الشركة في إسرائيل بتشغيل قاعدة البيانات المركزية لهيئة السكان والهجرة وتحديثها، ما يتيح جمع وتخزين واستخدام البيانات البيومترية عن الفلسطينيين من قبل الحكومة، واستهدافهم في أي مكان.
المعدات الثقيلة لخدمة التدمير
تعتمد العمليات العسكرية الإسرائيلية بشكل كبير على المعدات من الشركات المصنعة العالمية العملاقة «لإخراج» الفلسطينيين من أراضيهم وهدم المنازل والمباني العامة وتدمير الأراضي الزراعية والطرق وغيرها من البنية التحتية الحيوية. منذ أكتوبر 2023، كانت هذه المعدات جزءًا لا يتجزأ من إتلاف وتدمير 70 في المئة من المباني و81 في المئة من الأراضي الزراعية في غزة. وعلى مدى عقود، زودت شركة «كاتربيلر» الأمريكية إسرائيل بمعدات تُستخدم في هدم المنازل والبنية التحتية الفلسطينية من خلال برنامج التمويل العسكري الأجنبي للولايات المتحدة. وبالتعاون مع شركات أخرى محلية وأجنبية حولت إسرائيل جرافة «كاتربيلر دي 9 « إلى سلاح أساسي آلي يتم التحكم فيه عن بعد، تم استخدامه في كل نشاط عسكري تقريبا منذ عام 2000، لفتح الطرق، وهدم البنايات، من إجل التوغل وقتل الفلسطينيين. وتم منذ أكتوبر 2023، توثيق استخدام معدات «كاتربيلر» لتنفيذ عمليات هدم جماعية، بما في ذلك المنازل، والمساجد، والبنية التحتية الداعمة للحياة، مثل مداهمة المستشفيات، ودفن الجثث في مقابر جماعية.
كما يغطي التقرير مجالات أخرى تتداخل مع ظروف الحياة اليومية للفلسطينيين، وتجعل الحياة مستحيلة لأصحاب الأرض، بينما تسهل للمستوطنين التربح من حرب الإبادة. من ذلك شركات العقارات التي تنشط في بيع وحدات سكنية في المستوطنات لمشترين إسرائيليين وأجانب. ومن أبرز تلك الشركات مجموعة العقارات العالمية «كيلر ويليامز ريالتي ذ.م.م»، التي تملك امتيازا في إسرائيل يعمل من خلال 160 فرعا في المستوطنات. وشركات الطاقة ومصافي النفط التي تزود الجيش الإسرائيلي بوقود الطائرات والدبابات. وشركات الإنتاج الزراعي التي تعمل في مجال زراعة الأراضي الفلسطينية المصادرة مثل شركة «تنوفا» التي تعتبر أهم الشركات التي تعمل في مجالات الأنشطة الزراعية غير القانونية. و«تنوفا» هي أكبر تكتل غذائي في إسرائيل، وهي مملوكة حاليا بحصة الأغلبية لشركة «برايت فود الصينية المحدودة». كذلك تتولى سلاسل تجارية عالمية تسويق منتجات المستوطنات الإسرائيلية في كل أنحاء العالم تقريبا. وتُخفي هذه الشركات منشأ المنتجات من خلال ملصقات مضللة ورموز باركود وخلط سلاسل التوريد. ويعتبر تسويق منتجات المستوطنات بهذه الطريقة هو الوجه الآخر لتسويق الاحتلال كما يقول التقرير. وتُعدّ شركات الخدمات اللوجستية العالمية العملاقة مثل «أ. ب. مولر – ميرسك أ/س» جزءًا لا يتجزأ من هذه المنظومة؛ فقد شحنت لسنوات بضائع من المستوطنات والشركات المدرجة في قاعدة بيانات مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان مباشرةً إلى الولايات المتحدة وأسواق أخرى. كما لا يغفل التقرير دور شركات السياحة في تنظيم السفر إلى المستوطنات، وترويج الاستيطان غير الشرعي، ودور البنوك وصناديق الاستثمار العالمية في تمويل سندات الخزانة الإسرائيلية والمشاركة في منح قروض للشركات والمؤسسات العاملة في مجالات إبادة الهوية الفلسطينية.
ويعتبر موضوع تواطؤ المؤسسات الإعلامية واحدا من القضايا الأخرى المهمة التي تحتاج إلى البحث والدراسة على غرار ما فعلت فرانشيسكا ألبانيزي. وقد وصل الأمر في مؤسسات إعلامية كبرى في الولايات المتحدة وأوروبا إلى تقديم وجهة نظر أحادية الجانب متحيزة تماما لإسرائيل تحت ضغوط التهديد الصادرة عن المنظمات الصهيونية، وحملات الابتزاز التي تقوم بها ضد كل الشخصيات التي تتبنى موقفا موضوعيا في مناقشة ما يحدث في فلسطين، وجرائم الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل، وحصار كل وجهات المعارضة للحرب تحت زعم «معاداة السامية»! ولعل تقرير «الاقتصاد السياسي لحرب الإبادة» يفتح نافذة جريئة لتشريح النفوذ الصهيوني في هيكل النظام الدولي في النواحي الاقتصادية والإعلامية والسياسية وغيرها.
إبراهيم نوار