
السويداء: هدوء حذر بعد إخلاء مقاتلي العشائر ووقف الاشتباكات
الرأي الثالث - وكالات
تشهد محافظة السويداء جنوبي سورية حالة من الهدوء الحذر، بعد الإعلان عن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين قوات العشائر والفصائل المحلية، عقب أيام من المواجهات الدامية التي أسفرت عن عشرات القتلى والجرحى ونزوح مئات العائلات.
وأعلنت وزارة الداخلية السورية عن نجاح جهودها في تنفيذ الاتفاق، مؤكدة إخلاء مدينة السويداء من مقاتلي العشائر ووقف الاشتباكات داخل أحيائها، وذلك بعد انتشار قواتها في المناطق الشمالية والغربية من المحافظة لضمان استقرار الوضع الأمني.
وخلال اجتماع عُقد مساء السبت بين ممثلين عن العشائر العربية وشخصيات حكومية، بحضور محافظ درعا أنور الزعبي، نُقلت رسالة من رئاسة الجمهورية إلى وجهاء العشائر تدعو إلى "ضرورة وقف إطلاق النار" وتغليب لغة الحوار.
من جهتهم، أكد متحدثون باسم العشائر أن تدخلهم العسكري لم يكن موجهاً ضد أهالي السويداء، بل "ردًا على اعتداءات ارتكبتها مجموعات مسلحة استقوت بالخارج"، مشددين على تمسّكهم بموقف الدولة السورية بما يضمن "كرامتهم وأمنهم".
وفي المقابل، طالب الشيخ حكمت الهجري، المرجع الروحي لطائفة الموحدين الدروز، بفرض حماية دولية على أبناء الطائفة، متهمًا قوات العشائر بخرق الاتفاقات السابقة، ما أدى إلى "تدهور الوضع الأمني" على حد وصفه.
وفي الوقت الذي رحب فيه سكان السويداء بحذر باتفاق وقف النار، أعرب كثيرون عن أملهم بأن يصمد الاتفاق هذه المرة، ليتمكنوا من لملمة جراحهم ودفن موتاهم وعودة النازحين إلى بيوتهم، وسط تخوفات من اندلاع جولة جديدة من العنف في حال تعثر الالتزامات.
من جانبه، أعلن المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا توماس براك التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار بين سوريا وإسرائيل وأن تركيا والأردن وبعض الجيران تبنوا الاتفاق،
داعياً الدروز والبدو والسنة إلى إلقاء أسلحتهم والعمل مع الأقليات الأخرى على بناء هوية سورية جديدة وموحدة في سلام وازدهار مع جيرانها.
وجاءت المفاوضات بعد اتصالات إقليمية ودولية قادها المبعوث الأمريكي الخاص عقب الأربعاء الدامي في سوريا وتصاعد الأزمة بين دمشق وتل أبيب وقصف الطيران الحربي الإسرائيلي مقر وزارة الدفاع السورية في ساحة الأمويين إضافة إلى قصف الساحة الخلفية في قصر الشعب حيث يقيم الرئيس الشرع.
وأفاد مصدران دبلوماسيان سوريان مطلعان على تفاصيل المفاوضات أن وزير الخارجية الأمريكية ماركو روبيو أجرى اتصالا بالقيادة السورية ليل الجمعة، بهدف «حثها على احتواء التوتر مع إسرائيل وخفض التصعيد «.
وفي تفاصيل عملية التفاوض، قال أحد المصادر إن «الجانب السوري لم يتواصل مع إسرائيل مباشرة، وكانت المفاوضات سورية ـ سورية، رغم الاتصالات الدولية والإقليمية، ولم يتدخل أي من الدول في نص الاتفاق»،
وزاد أن العميد أحمد الدالاتي رئيس فرع الأمن الداخلي في محافظة السويداء هو من قاد الاتصالات المكثفة عبر الخط الساخن مع قائد حركة رجال الكرامة يحيى الحجار (ابو حسن) بمباركة شيوخ العقل الثلاثة.
خلف الكواليس، وقبل إعلانه التوصل إلى اتفاق، كان المبعوث الأمريكي قد مهد الأجواء للوصول إلى تفاهمات محلية على ان تحظى بدعم إقليمي ودولي.
حيث اشرك رئيس جهاز الاستخبارات التركية ابراهيم كالن، ووزراء خارجية عرب، ووزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر.
كما اتصل بكل من الزعيم اللبناني وليد جنبلاط وشيخ عقل طائفة الموحدين الدروز في إسرائيل موفق طريف، وهو الذي قاد حملة الضغط على حكومة نتنياهو من أجل التدخل لحماية الدروز في سوريا والتصعيد ضد الإدارة الانتقالية.
صباح السبت، أعلنت رئاسة الجمهورية السورية وقفا شاملا وفوريا لإطلاق النار وأهابت الجميع لفسح المجال أمام الدولة ومؤسساتها وقواتها لتطبيق هذا الوقف بمسؤولية، وبما يضمن تثبيت الاستقرار ووقف سفك الدماء،
ودعت جميع الأطراف إلى الالتزام الكامل ووقف كافة الأعمال القتالية فورا في جميع المناطق وحماية المدنيين وتأمين وصول المساعدات الإنسانية دون إي عوائق.
وفي هذا السياق، بدأت قوات الأمن بالانتشار في عدد من المناطق لضمان تنفيذ وقف إطلاق النار وحذرت الرئاسة من أي خرق لهذا القرار معتبرة أن «أي خرق يعد انتهاكا صريحا للسيادة الوطنية وسيواجه بما يلزم من إجراءات قانونية وفقا للدستور والقوانين النافذة».
رد المرجعية الدرزية
بيان الرئاسة أعلاه، ردت عليه المرجعية الدينية في السويداء من خلال نشر تفاصيل الاتفاق المبدئي، وهو أقرب لخطوات حسن النوايا خلال الـ 48 ساعة.
وينص على نشر حواجز تابعة للأمن الداخلي خارج الحدود الإدارية لمحافظة السويداء، بهدف ضبط الاشتباك ومنع تسلل أي مجموعات إلى داخل المحافظة، وعدم دخول أي جهة إلى القرى الحدودية (الغربية في محافظة السويداء) لمدة 48 ساعة من وقت الاتفاق،
وذلك لإتاحة الفرصة لانتشار القوى الأمنية من الطرف الآخر، تجنبًا لأي هجمات مباغتة، والسماح للراغبين من بدو السويداء بالخروج الآمن والمضمون مع ترفيق مؤمن من الفصائل «الدرزية» دون أي اعتراض أو إساءة من أي طرف،
واعتماد معبرين إنسانيين للحالات الطارئة والإنسانية في بصرى الحرير وبصرى الشام.
وفي وقت سابق من صباح السبت، أعلنت الرئاسة الروحية للمسلمين الموحدين الدروز موافقتها على مد يد العون للتعامل مع «كل إنسان شريف لإنهاء الاشتباكات الحالية ووقف إطلاق النار والاحتكام لصوت العقل والحكمة والإنسانية»، رافضا السلاح والفوضى، وجدد البيان دعوته للاحتكام للإنسانية.
وشدد على ان أبناء الطائفة المعروفية لم يكونوا «دعاة تفرقة أو فتنة، وإنما كانوا وعلى مدار التاريخ نبراساً في الإنسانية والتآخي وطالما كان الجبل ملجأ لكل مظلوم وخائف.»
وفي سياقٍ متصل، استهدفت مسيرة إسرائيلية ليل الخميس سيارة عسكرية تابعة للقوات الحكومية السورية على طريق ظهر الجبل في السويداء، ما أسفر عن مقتل 5 أشخاص بحسب ما أفاد به المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وكثف الكيان الإسرائيلي من الهجمات الجوية على الأراضي السورية تزامنا مع الأحداث والتطورات الأخيرة التي تشهدها السويداء، والتي بدأت الأحد الماضي، وبلغت ذروتها الأربعاء مع دخول قوات الجيش التابع للحكومة السورية وقوات الأمن،
حيث استهدف الطيران الإسرائيلي بأكثر من غارة قوات للأمن متمركزة في مقر قيادة شرطة السويداء ما تسبب في مقتل عدد من عناصر الأمن،
واستهدفت غارة إسرائيلية دبابة لقوات الجيش السوري في محيط السويداء مساء الثلاثاء ما أسفر عن مقتل طاقمها وأكثر من 10 أشخاص في المنطقة بحسب ما تناقلته وسائل إعلام محلية،
كما أظهرت مقاطع مصورة بثها الجيش الإسرائيلي غارات جوية استهدفت مقاتلين تابعين للحكومة السورية في محيط مدينة السويداء وريف درعا.
وحسب المصادر الدبلوماسية، فإن واشنطن تستشعر «نوايا إسرائيلية خطرة « تجاه القيادة السورية وأنها بعد القصف العنيف لدمشق والقصر الجمهوري،
تدرك ان الحكومة اليمينية بقيادة نتنياهو قد تجر المنطقة إلى تصعيد أكثر خطورة، ومن الواضح ان التدخل الدبلوماسي اليومي وتقديم المشورة هدفه منع الأمور من الانزلاق إلى نقطة لا عودة بعدها.
في المقابل، فإن «الدعم الأمريكي لسوريا مهد بدوره في حال لم تدرك القيادة السورية كيفية إدارة شؤونها» بعد الاخفاقات المتتالية في إدارة الملفات السياسية والتوصل إلى توافقات مع المكونات المتعددة وأهمها الدروز والعلويين والأكراد.
كذلك، يسود تخوّف كبير من استخدام العشائر السورية وتجييشها ضد الدروز من قبل الإدارة الانتقالية وهو ما شكل صدمة في الأروقة وغرف صناعة القرار، لكونه يتجاوز الجغرافية السورية ويحفز القبائل في الدول المجاورة على التمرد والشعور بالقوة ضد الأنظمة السياسية المستقرة.
وتفيد المصادر أن «ذلك اعتبر خطأ جسيماً وقعت به الإدارة السورية ربما من دون أن تدرك عواقبه».
أبرز تطورات الوضع في السويداء يوم أمس السبت
الرئاسة تدعو العشائر لوقف النار
الفصائل المسلحة في السويداء تواصل عملياتها العسكرية
الهجري يطالب مجدداً بحماية دولية
عائلات تنتظر نقلها إلى خارج السويداء
الاتحاد الأوروبي يرحب بوقف إطلاق النار في السويداء
سورية: مساعدات إنسانية للسويداء فور تأمين ممرات آمنة
قوى الأمن انتشرت في ريفي السويداء الغربي والشمالي
الرئاسة الروحية في السويداء تعلن التوصل لاتفاق مع الحكومة