الإهداء إلى من لا يستحق

والمناسبة اعتقال عبدالوهاب قطران وقبله الكميم وكثير من أمثالهم.

صديقي "الحوثي" أو "المتحوث" والذي صار وزيراً في حكومتهم كان قد أخبرني عام 2007، حالما كنتُ أدافع عنهم حقوقيا، بصدد المظالم التي كانت تطولهم: "إنهم يجملوا ويحفظون جمائل الناس لهم".

وعندما وصلوا للسلطة بالغلبة واستأثروا بها وبلغوا بالتمكين مبلغه، جاء الواقع ليحكي لنا ما لم يدر في بال أو خيال.. بدأت أشعر وكأنهم ينتقمون من الناس، بل ومن المجتمع.

أنقل هنا بعض المظلوميات لا لأنكي الجراح، ولا لأمنّ عليهم في الدفاع عنهم، فذلك كان بعض من واجبي، ولكن لأكشف للناس حجم التبدل المرعب الذي صاروا إليه بعد أن صاروا سلطة غلبة وتمكين، وتنكروا لكل شيء، وجحدوا كل جميل ومعروف..
 
ونقول لهم: نحن لم نتغير، حيث أستمرينا في خندق الدفاع عن حقوق وحريات الناس، ولكن أنتم من تغيرتم وتبدلتم، بعد صارت لكم سلطة وتمكين، بل وعطلتم دورنا الحقوقي في مجلس النواب، وهو الدور الذي كنا نستند إليه في الدفاع عنكم، ولم تكتفوا بتعطيل هذا الدور، بل وصلتم إلى حدود منعنا من زيارة سجين رأي كان يوما يناصر حقوقكم.. وأكثر من هذا أقول: إن لم يكن أكثر من الاعتقال، بات اعتقالنا يقترب، وجاري البحث عن تهمة يتم تلفيقها، كما حدث أو يحدث مع رفيقي القاضي عبدالوهاب قطران، وأبو زيد الكميم وغيرهم.

أريد هنا أن أكشف حجم التضييق على الحقوق والحريات في مؤشرات تنبئنا أنكم تسيرون حثيثاً نحو الطغيان، كلما تمكنتم أكثر من السيطرة والغلبة والاستفراد بالسلطة.

لقد صرنا نعيش هلعاً حقيقياً من مسار كارثي يؤدي إن لم يكن قد أدى بالفعل إلى الطغيان.. 

لقد نالوا اليوم منّا كل منال، وأوغلوا في التضيق والتنكيل بمن دافعوا عنهم يوماً حالما كانوا مستضعفين، ونالوا من المدافعين عن حقوق الإنسان، وحقوقهم، ودأبوا إلى التشنيع بهم مباشرة، أو من خلال أتباعهم وذبابهم في وسائل التواصل الاجتماعي، وتلفيق وفبركة التهم لهم، والتربص للإيقاع بهم، لينالوا منهم عبر مؤسساتهم القمعية.

 أنقل هنا طائفة من المظالم التي نشرناها حالما كانوا مستضعفين، وأخبرنا العالم بها، حالما كان صوتهم لا صوت له، وفي أفضل الأحوال لا يتعدى محابسهم وبيوتهم، وربما بصيص منه يخرج فاترا وضعيفا أو خجولا، وفي كل الأحوال لا يتعدى ساحته أمتار قليلة تثير الشفقة في طريق أستوحش سالكه.. وربما يزيدوا عليها أحياناً قراءة سورة ياسين، أما اليوم فقد تنمروا وصاروا يستكثروا ويستكبروا، ويمنعوا ممثل الشعب، والمعبر عن إرادته أو ما بقي من شرعيته والحيلولة دون زيارة سجين رأي في حبس انفرادي لدى مخابراتهم.

كل ذلك مع ملاحظة إنصاف أن ما نعيد نشره هنا بات اليوم يحدث وفي عهد سلطتهم أكثر منه بمائة ضعف.. هذا إن كان هناك مجالا للمقارنة.