هل سيكون الرد الأمريكي في البحر الأحمر عسكرياً؟

تجنبت الولايات المتحدة القيام بإي عمل عسكري ضد أنصار الله، بعد ان قامو بإطلاق صواريخ وطائرات مسيرة أصابت عدد من السفن التجارية، ولعل أهم الاسباب في عدم الرد الأمريكي، هو طبيعة النظرة الأمريكية المختلفة لما يقوم به أنصار الله، فرغم تصعيدهم لهجماتهم وبشكل مكثف ضد السفن التى يعتقدون ان لها علاقة بإسرائيل. 

في الجانب الأخر فإن المسؤولين الأمريكيين يرون ان أنصار الله لم يستهدفو السفن أو القوات الأمريكية بشكل مباشر، وهذا يقودنا بشكل اكثر لفهم طبيعة الموقف الأمريكي من خلال قراءة سريعة عن ماصرح به مستشار الأمن القومي جيك سوليفان من أن واشنطن لا تخطط للعمل بمفردها، بل أكد أن الولايات المتحدة ستتخذ "الإجراء المناسب بالتشاور مع الآخرين"، أي حلفاء أمريكا وأصدقائها، وسوف "تفعل ذلك في الوقت والمكان الذي نختاره".

علاوة على ذلك فقد حمل إيران المسؤولية بنفس القدر عن هجمات الحوثيين وعلى حد تعبيره فإن الحوثيين هم الذين يضعون إصبعهم على الزناد، ولكن الأسلحة هنا يتم توفيرها من قبل إيران، ونعتقد أن إيران هي الطرف المسؤول النهائي عن ذلك، وأكد مستشار الأمن القومي الأمريكي أن الولايات المتحدة ستتخذ الإجراء المناسب بالتشاور مع الآخرين، أي حلفاء أمريكا وأصدقائها وسوف تفعل ذلك في الوقت والمكان الذي نختاره..

الولايات المتحدة وحلفاؤها، تدرس  كل الاحتمالات الممكنة لطبيعة مهام القوة البحرية المعلن عنها حديثاً، والتي تهدف إلى حماية السفن التجارية في البحر الأحمر ومواجهة أنصار الله، والتى يعتقد كثير من الخبراء ان هذا التحالف  قد لا يكون كافياً للقضاء على التهديد الذي يمثله أنصار الله ويهدد الممر المائي الحيوي.. 

تبرز الأهمية العسكرية والأمنية بشكل واضح في أمن البحر الأحمر، بالنظر إلى التطورات الإقليمية والدولية، مما يدفع ببعض الدول الكبرى إلى التنافس المحموم على المنطقة، من ناحية إيجاد موطئ قدم لها، أو مواقع نفوذ، لا سيّما في الدول المشاطئة للبحر الأحمرلضمان سيطرتها وتأثيرها على مسار المشهد الدولي.

اجمالاً يبدو أن إشارات نقل الصراع للبحر الأحمر وارداً ، في ظل النشاط المحموم مؤخراً واستعراض القدرات العسكرية الإقليمية والدولية من خلال بعض العمليات العسكرية المستمرة، وبالنسبة لليمن فقد ظهر أنصار الله على مشهد الأمن في البحر الأحمر بشكل غير متوقع،  لذا من المهم للقوى الإقليمية المتواجدة في البحر الاحمر موازنة مواقعها وعلاقاتها للتعامل مع الوقائع الجديدة، خصوصاً وان أنصار الله اصبحو متواجدين على مواقع ساحلية مهمة وبالقرب من مضيق باب المندب، لما يمكن أن يشكّله ذلك من تعقيدات جديدة في المعادلة السياسة والأمنية في البحر الأحمر.. 

المؤشرات تدل على ان الولايات المتحدة لم تقرر المضي قدماً في أي عمل عسكري في الوقت الحالي، خصوصاً مع عدم حماس الكثير من دول المنطقة الرئيسية كالسعودية ومصر والإمارات وغيرها، من الانضمام إلى هذا التحالف، ولا تزال تريد ان تنجح الدبلوماسية لخفض التوتر وتأمين الملاحة البحرية في البحر الأحمر، واذا لم تنجح الجهود السياسية والدبلوماسية هل تتسع دائرة الصراع والعسكرة في البحر الأحمر، إلى شررة وحرب جديدة توجه من خلالها الولايات المتحدة ضربة عسكرية مباشرة لدولة إيران، أم تبقي المنطقة رهينة لتجاذبات صراع القوي الدولية والاقليمية..

 كل ذلك يعتمد على مواقف ونهج دول المنطقة صاحبة المصلحة الرئيسية وعدم استغلالها من الدول العميقة... 

* سفير بوزارة الخارجية