حل الدولتين يدعم محور المقاومة

 لا صوت يعلو اليوم على صوت "طوفان الأقصى"، هذا الطوفان الذي خلط الكثير من الأوراق السياسية في المنطقة، وخلط الكثير من قواعد الاشتباك مع العدو الصهيوني كذلك.

لا شك عندي أن جُهد معركة طوفان الأقصى يدور رحاه في أقبية المؤسسات العسكرية والمخابرات وبين جُدر مكاتب مغلقة في الشرق والغرب، وأن ما نراه ونقرأه ونسمعه على وسائل الإعلام اليوم ومن خلالها من تغطيات لطوفان الأقصى ليس سوى رأس جبل الجليد.

في المعارك والحروب المفصلية تُخاض حروب ومعارك أخرى غير مرئية ولا مُعلنة، يتحقق من خلالها انتصارات وهزائم بلا حرب بفعل المفاوضات والمقايضات لمنع هزائم كُبرى أو انتصارات كبرى كذلك، وهذا ما يدور بالتفصيل في تفاصيل ومفاصل طوفان الأقصى اليوم؛ فالزيارات المكوكية للمسؤولين الغربيين لبعضهم وللمنطقة، والاتصالات المُعلنة وغير المُعلنة، والمؤتمرات، تهدف في غالبيتها إلى تحمل هزائم وانتصارات لهذا الطرف أو ذاك ولكنها دون ضجيج وبعيدة عن صخب المعارك المسلحة، ولكنها تحمل في المقابل ما يوازي ويعادل المواجهات المسلحة على أرض المعركة.

اعتدنا من الغرب بعد كل مواجهة مع العدو الصهيوني أو بعد كل واقعة تاريخية مفصلية على ملهاة سياسية على شاكلة مؤتمر مدريد أو أوسلو والتي يُراد منها امتصاص غضب الشارع العربي، وإلهاء النظام الرسمي المُشتت في ملهاة سياسية ظاهرها رحمة وباطنها عذاب، لهذا نأت فصائل المقاومة بنفسها عن النظام الرسمي العربي- دون مواجهة معه- وبالنتيجة نأت بنفسها عن الملاهي السياسية وجوائز الترضية من الغرب منذ زمن بعيد، وتيقنت بأن الغرب لا يفهم إلا لغة القوة ولا يحترم ولا يُذعن إلا للأقوياء وأن ما أخذ بالقوة لا يُسترد بغير القوة.

"طوفان الأقصى" اليوم اسم على مسمى بالفعل والتفاصيل والأثر، وبالنتيجة سيُعيد إنتاج وفرز مواقف ومعطيات جديدة على الصراع الوجودي العربي الغربي عبر الكيان الصهيوني القاعدة المتقدمة للغرب واستثماره السياسي الاستراتيجي في قلب الأمة، لهذا أضم صوتي إلى أصوات من يعتقدون بأن جملة من الملفات العالقة في المنطقة لابُد أن تعرف الحل النهائي دون تسويف أو مُماطلة كالسابق، وسنتحدث هنا عن ملف حل الدولتين للخروج من الطوفان بنصف هزيمة للغرب والعدو الصهيوني، وتسويق النظام الرسمي العربي كشريك جاد للغرب في الحل، ومنح فصائل المقاومة نصف نصر، وترميم وجبر ضرر الكيان الصهيوني ومده بعمر افتراضي جديد.

حل الدولتين لمن لا يعلم هو تعريف هلامي شبيه بتعريف الأمن القومي الصهيوني والذي لا يعلم الكيان ولا الغرب ولا العرب تعريف مانع جامع له، كما إن تحجيم الكيان وتقزيمه واقتطاع جغرافية منه يتناقض مع استراتيجية الغرب واستثماره بهذا الكيان السرطاني التوسعي؛ فالكيان الصهيوني هو الكيان الوحيد في العالم والتاريخ الذي ليس له حدود معروفة!! وهذا لم يعد لغزًا أو سرًا.

حل الدولتين رفضه مؤخرًا وقبيل الطوفان تحديدًا، الصهيوني نتنياهو للأسباب أعلاه وإن لم يُصرح بذلك، فقد اعتمد على الأثر الرجعي في صلفه وعربدته والدعم السخي له من الغرب والتخاذل السخي في المقابل من النظام الرسمي العربي.

سيخضع الكيان اليوم ويقبل صاغرًا بحل الدولتين كنصف هزيمة، وفي المقابل ستقبل فصائل المقاومة بهذا الحل ولكن على شروطها، فشروط الدولة منزوعة السلاح وقبول التهجير وأن تكون دولة حامية لأمن الكيان كحال السُلطة في رام الله، ستكون من الشروط المرفوضة من قِبل فصائل المقاومة وقبل طرحها أو إقرارها على الورق؛ لأن المقاومة ستقبل بهذا الحل لتعزيز استراتيجيتها في الصراع وليس لتصفية القضية وتصفية المقاومة وتمدد الكيان وعربدته مجددًا.

ستتعامل فصائل المقاومة مع حل الدولتين من منطلق رؤيتها للقضية والصراع مع العدو، وبما يصون قوتها ومنجزاتها بتوازن الردع والوجع مع العدو أما قطوف الطوفان الأخرى فلها مساحات مقالات أخرى قادمة بإذن الله تعالى.

قبل اللقاء.. مشكلة الكيان الصهيوني أنه يقاتل الأرض، بينما فصائل المقاومة تُقاتل مع الأرض، وشتان ما بين يُقاتل الأرض ومن يُقاتل معها.

وبالشكر تدوم النعم..

*سياسي وكاتب عُماني
Ali95312606@gmail.com